والمجوس قاطبة بكل فرقها ومذاهبها تعظم النار وتعبدها لجلالتها وقدسيتها وهي رمز الخير وآية النور وهي جوهر شريف علوي لا تفعل إلا الخير والصالح لذا لم تحرق إبراهيم الخليل عليهالسلام وأن عبادتها تنجيهم من العذاب الأخروي ..
وقد انتشرت المجوسية ـ عبدة النار ـ في الصين والهند والشرق الأقصى كاليابان ومنغوليا وما تاخمهما من البلدان ولا زالت عبادتهم وثنية لا تعدو النار والهياكل والأصنام وقد شاهدت جملة منها في مناطق عديدة من بلاد الهند.
ومن أبرز الطوائف القائلة بالتناسخ في تلك التي تقطن في الهند وتمارس طقوسها العبادية بكامل الحرية حيث مبدأ الدولة هناك الوثنية الصرفة.
من مظاهر الحلول والتناسخ عندهم ، أنهم يعتقدون أن طائراً يظهر في وقت معلوم ، فيقع على شجرة معلومة ، فيبيض ويفرخ ثم إذا تم نوعه بفراخه حك بمنقاره ومخالبه فتبرق منه نار تلتهب فيحترق الطائر ، ويسيل منه دهم يجتمع في أصل الشجرة في مغارة ، ثم إذا حال الحول وحان وقت ظهوره انخلق من هذا الدهن مثله طير يطير ويقع على الشجرة وهو أبداً كذلك. قالوا فما مثل الدنيا وأهلها في الأدوار والأكوار إلا كذلك (١).
ومن الذين قالوا بالحلول والتناسخ فرقة من الصابئة يسمون بالحرنانية ، هؤلاء قالوا أن الصانع المعبود واحد وكثير.
أما واحد ، ففي الذات والأول والأصل والأزال. وأما كثير فلأنه يتكثر بالأشخاص في رأي العين.
وصور التناسخ عندهم أن تكرر الأكوار والأدوار إلى ما لا نهاية ويحدث في كل دور ما حدث في الدور الأول وأما الحلول فهو الشخص وربما يكون بحلول ذات الصانع المعبود في المدبرات السبعة والأشخاص الأرضية وإذا حل فيهم مضت على ذلك آلاف من السنين حتى ينتهي هذا
__________________
(١) الملل والنحل ٢ | ٢٦٢.