اليتيم والفرار من الزحف.
٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن مسكان
______________________________________________________
الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ » (١).
« وأكل مال اليتيم » الأكل يعم وجوه التصرفات كما مر ، واليتيم في الناس من فقد أباه ، وفي البهائم من فقد أمه بشرط الصغر فيهما ، وقال الزمخشري : لا يشترط لوجود الانفراد في الكبير أيضا إلا أنه غلب استعماله في الصغير ، وقال : حديث لا يتم بعد البلوغ ، تعليم شريعة لا تعليم لغة ، والمراد هنا الصغير وهو مقيد بأكله ظلما كما قيد به في الآية فلا ينافي ما جوزه أكثر الأصحاب للولي الأكل بالمعروف لقوله تعالى : « فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ » (٢) وكذا إذا خلط ماله بمال نفسه مع رعاية الغبطة كما هو ظاهر الآية والأخبار ، وسيأتي تفاصيل تلك الأمور في محالها إنشاء الله.
« والفرار من الزحف » الزحف المشي يقال : زحف إليه زحفا وزحوفا من باب منع أي مشى ، ويطلق على الجيش الكبير تسمية بالمصدر ، والفرار من العدو بعد الالتقاء بشرط أن لا يزيدوا على الضعف كبيرة ، إلا في التحرف لقتال أو التحيز إلى فئة ، والمراد بالتحرف لقتال الاستعداد له بأن يصلح آلات الحرب أو يطلب الطعام والماء لجوعه أو عطشه ، أو يجتنب عن مواجهة الشمس والريح ، أو يطلب مكانا أحسن أو نحو ذلك ، وقيل : هو الكر بعد الفر يخيل عدوه أنه ينهزم ، ثم ينعطف عليه وهو نوع من مكائد الحرب ، والمراد بالتحيز إلى فئة الرجوع إليهم للاستعانة بهم مع صلاحيتهم لها ، وعدم البعد المفرط بحيث يعد الرجوع إليهم فرارا ، وهذه السبعة كلها مما أوعد الله عليه النار صريحا أو ورد فيه ذم بليغ يستلزم العقاب كما سيأتي بيانها إنشاء الله تعالى.
الحديث الثالث : صحيح.
__________________
(١) سورة النور : ٢٣.
(٢) سورة النساء : ٦.