.................................................................................................
______________________________________________________
من بطر الحق وغمص الناس ، وفي حديث آخر من سفه الحق ، وقوله : غمص الناس أي ازدرأهم واستحقرهم وهم عباد الله أمثاله وخير منه ، وهذه الآفة الأولى وقوله : سفه الحق هو رده به ، وهذه الآفة الثانية.
ثم اعلم أنه لا يتكبر إلا من استعظم نفسه ، ولا يستعظمها إلا وهو يعتقد لها صفة من صفات الكمال ، ومجامع ذلك يرجع إلى كمال ديني أو دنيوي ، والديني هو العلم والعمل ، والدنيوي هو النسب والجمال والقوة والمال وكثرة الأنصار ، فهذه سبعة.
الأول : العلم وما أسرع الكبر إلى العلماء ولذلك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : آفة العلم الخيلاء ، فهو يتعزز بعز العلم ويستعظم نفسه ، ويستحقر الناس ، وينظر إليهم نظره إلى البهائم ، ويتوقع منهم الإكرام والابتداء بالسلام ، ويستخدمهم ولا يعتني بشأنهم ، هذا فيما يتعلق بالدنيا وأما في أمر الآخرة فبأن يرى نفسه عند الله أعلى وأفضل منهم ، فيخاف عليهم أكثر مما يخافه على نفسه ، ويرجو لنفسه أكثر مما يرجو لهم ، وهذا بأن يسمى جاهلا أولى من أن يسمى عالما بل العلم الحقيقي هو الذي يعرف الإنسان به نفسه وربه وخطر الخاتمة ، وحجة الله على العلماء ، وعظم خطر العلم فيه ، وهذه العلوم تزيد خوفا وتواضعا وتخشعا ويقتضي أن يرى أن كل الناس خير منه لعظم حجة الله عليه بالعلم وتقصيره في القيام بشكر نعمة العلم.
فإن قلت : فما بال بعض الناس يزداد بالعلم كبرا وأمنا؟
فاعلم أن له سببين : أحدهما أن يكون اشتغاله بما يسمى علما وليس بعلم حقيقي وإنما العلم الحقيقي ما يعرف العبد به نفسه وربه ، وخطر أمره في لقاء الله والحجاب عنه ، وهذا يورث الخشية والتواضع دون الكبر والأمن ، قال الله تعالى