في الهاوية فقال وما الهاوية فقال سجين قال وما سجين قال جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة قال فما قلتم وما قيل لكم قال قلنا ردنا إلى الدنيا فنزهد فيها قيل لنا كذبتم قال ويحك كيف لم يكلمني غيرك من بينهم قال يا روح الله إنهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد وإني كنت فيهم ولم أكن منهم فلما نزل العذاب عمني معهم فأنا معلق بشعرة
______________________________________________________
ذلك الخوف القليل أيضا ، نعوذ بالله من الغفلة وسوء المنقلب.
« قال جبال من جمر » في القاموس : الجمر النار المتقدة ، والجمع جمر ، قال الشيخ المتقدم ذكره رحمهالله هذا صريح في وقوع العذاب في مدة البرزخ أعني ما بين الموت والبعث ، وقد انعقد عليه الإجماع ونطقت به الأخبار ، ودل عليه القرآن العزيز ، وقال به أكثر أهل الملل وإن وقع الاختلاف في تفاصيله ، والذي يجب علينا هو التصديق المجمل بعذاب واقع بعد الموت وقبل الحشر في الجملة ، وأما كيفياته وتفاصيله فلم نكلف بمعرفتها على التفصيل وأكثرها مما لا تسعه عقولنا ، فينبغي ترك البحث والفحص عن تلك التفاصيل ، وصرف الوقت فيما هو أهم منها أعني فيما يصرف ذلك العذاب ويدفعه عنا كيف ما كان ، وعلى أي نوع حصل ، وهو المواظبة على الطاعات واجتناب المنهيات لئلا يكون حالنا في الفحص عن ذلك والاشتغال به عن الكفر فيما يدفعه وينجي منه كحال شخص أخذه السلطان وحبسه ليقطع في غد يده ويجدع أنفه فترك الفكر في الحيل المؤدية إلى خلاصه وبقي طول ليله متفكرا في أنه هل يقطع بالسكين أو بالسيف ، وهل القاطع زيد أو عمرو.
« قيل لنا كذبتم » دل على أنهم لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه كما نطقت به الآية ، أو كذبتم فيما دل عليه قولكم هذا أنه يمكنكم العود ، وربما يقرأ بالتشديد أي كذبتم الرسل فلا محيص عن عذابكم « قال : يا روح الله » في بعض