.................................................................................................
______________________________________________________
في الدنيا ، ولكنا إذا ذكرنا الدنيا المذمومة لم نعد هذا من الدنيا أصلا ، بل قلنا أنه من الآخرة ، وكذلك العابد قد يأنس بعبادته ويستلذها بحيث لو منعت عنه لكان ذلك أعظم العقوبات عليه ، وهذا أيضا ليس من الدنيا المذمومة.
الثاني : وهو المقابل للقسم الأول على الطرف الأقصى كل ما فيه حظ عاجل ولا ثمرة له في الآخرة أصلا ، كالتلذذ بالمعاصي ، والتنعم بالمباحات الزائدة على قدر الضرورات والحاجات الداخلة في جملة الرفاهية والرعونات كالتنعم بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ، والغلمان والجواري والخيول والمواشي والقصور والدور المشيدة ، ورفيع الثياب ولذائذ الأطعمة ، فحظ العبد من هذه كلها هي الدنيا المذمومة ، وفيما يعد فضولا وفي محل الحاجة نظر طويل.
الثالث : وهو متوسط بين الطرفين كل حظ في العاجل معين على الأعمال الآخرة كقدر القوت من الطعام ، والقميص الواحد الخشن ، وكل ما لا بد منه ليتأتى للإنسان البقاء والصحة التي يتوصل إلى العلم والعمل ، وهذا ليس من الدنيا كالقسم الأول ، لأنه معين على القسم الأول ووسيلة فمهما تناوله العبد على قصد الاستعانة على العلم والعمل ، لم يكن به متناولا للدنيا ، ولم يصر به من أبنائها.
وإن كان باعثه الحظ العاجل دون الاستعانة على التقوى التحق بالقسم الثاني وصار من جملة الدنيا.
ولا يبقى مع العبد عند الموت إلا ثلاث : صفاء القلب ، وأنسه بذكر الله ، وحبه لله وصفاء القلب لا يحصل إلا بالكف عن شهوات الدنيا ، والأنس لا يحصل إلا بكثرة ذكر الله ، والحب لا يحصل إلا بالمعرفة ، ولا تحصل المعرفة إلا بدوام الفكر ، فهذه الثلاث هي المنجيات المسعدات بعد الموت ، وهي الباقيات الصالحات ، أما طهارة