.................................................................................................
______________________________________________________
وأما تنزيه النفس بنسبة الجناية إلى الغير حيث يستغني عن ذكر الغير فتعالجه بأن تعرف بأن التعرض لمقت الخالق أشد من التعرض لمقت الخلق وأنت بالغيبة متعرض لسخط الله تعالى يقينا ، ولا تدري أنك تتخلص من سخط الناس أم لا ، فتخلص نفسك في الدنيا بالتوهم وتهلك في الآخرة ، وتخسر حسناتك في الحقيقة ، ويحصل ذم الله لك نقدا وتنتظر دفع ذم الخلق نسيئة.
وهذا غاية الجهل والخذلان ، وأما عذرك كقولك : إن أكلت الحرام ففلان يأكل ، ونحو ذلك فهذا جهل لأنك تعتذر بالاقتداء بمن لا يجوز الاقتداء به ، فإن من خالف أمر الله لا يقتدى به كائنا من كان ، فما ذكرته غيبة وزيادة معصية أضفتها إلى ما اعتذرت عنه وسجلت ، مع الجمع بين المعصيتين على جهلك وغباوتك.
وأما قصدك المباهاة وتزكية النفس فينبغي أن تعلم أنك بما ذكرته أبطلت فضلك عند الله تعالى وأنت من اعتقاد الناس فضلك على خطر ، وربما نقص اعتقادهم فيك إذا عرفوك بثلب الناس فتكون قد بعت ما عند الخالق يقينا بما عند المخلوق وهما ولو حصل لك من المخلوق اعتقاد الفضل لكانوا لا يغنون عنك من الله شيئا.
وأما الغيبة للحسد فهو جمع بين عذابين لأنك حسدته على نعمة الدنيا وكنت معذبا بالحسد ، فما قنعت بذلك حتى أضفت إليه عذاب الآخرة فكنت خاسرا في الدنيا فجعلت نفسك خاسرا في الآخرة لتجمع بين النكالين ، فقد قصدت محسودك فأصبت نفسك ، وقد مر في باب الحسد ما فيه كفاية للمتدبر.
وأما الاستهزاء فمقصودك منه إخزاء غيرك عند الناس بإخزاء نفسك عند الله والملائكة والنبيين ، فلو تفكرت في حسرتك وحياتك وخجلتك وخزيك يوم تحمل