.................................................................................................
______________________________________________________
وقال الشهيد الثاني قدس الله لطيفه : اعلم أن الواجب على المغتاب أن يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله ليخرج من حق الله سبحانه تعالى ، ثم يستحل المغتاب ليحله فيخرج عن مظلمته ، وينبغي أن يستحله وهو حزين متأسف نادم على فعله إذ المرائي قد يستحل ليظهر من نفسه الورع ، وفي الباطن لا يكون نادما ، فيكون قد قارف معصية أخرى.
وقد ورد في كفارتها حديثان أحدهما قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كفارة من اغتبته أن تستغفر له ، والثاني قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كانت عنده في قبله مظلمة في عرض أو مال فليتحللها منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم ، يؤخذ من حسناته فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فزيدت على سيئاته.
ويمكن أن يكون طريق الجمع حمل الاستغفار له على من لم تبلغ غيبته المغتاب فينبغي له الاقتصار على الدعاء له والاستغفار ، لأن في الاستحلال منه إثارة للفتنة وجلبا للضغائن ، وفي حكم من لم يبلغه من لم يقدر على الوصول إليه بموت أو غيبة وحمل المحالة على من يمكن التوصل إليه مع بلوغه الغيبة ويستحق للمعتذر إليه قبول العذر والمحالة استحبابا مؤكدا ، قال الله تعالى : « خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ » (١) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا جبرئيل ما هذا العفو؟ قال : إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك وتعطي من حرمك ، وفي خبر آخر : إذا جثت الأمم بين يدي الله تعالى يوم القيامة نودوا ليقم من كان أجره على الله تعالى فلا يقوم إلا من عفي في الدنيا عن مظلمته ، وروي عن بعضهم أن رجلا قال له : إن فلانا قد اغتابك فبعث إليه طبقا من الرطب ، وقال : بلغني أنك أهديت إلى حسناتك فأردت أن أكافيك عليها فأعذرني لا أقدر أن أكافيك على التمام.
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٩٩.