بإسكانها في وسط السماء أو تحريكها على مدار فوق الافق « بليل تسكنون فيه » استراحة عن متاعب الاشغال ، ولعله لم يصف الضياء بما يقابله لان الضوء نعمة في ذاته مقصود بنفسه ولا كذلك الليل ، ولان منافع الضوء أكثر مما يقابله ، و لذلك قرن به « أفلا تسمعون » وبالليل « أفلا تبصرون » لان استفادة العقل من السمع أكثر من استفادة من البصر « لتسكنوا فيه » أي في الليل « ولتبتغوا من فضله » أي بالنهار بأنواع المكاسب « ولعلكم تشكرون » أي ولكي تعرفوا نعمة الله في ذلك فتشكروه عليها (١). « ولئن سألتهم » المسؤول عنهم أهل مكة « ليقولن الله » لما تقرر في العقول من وجوب انتهاء الممكنات إلى واحد واجب الوجود (٢).
« ومن آياته منامكن بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله » منامكم في الزمانين لاستراحة القوى النفسانية وقوة القوى الطبيعية وطلب معاشكم فيهما ، أو منامكم بالليل وابتغاؤكم بالنهار ، فلف وضم بين الزمانين والفعلين بعاطفين إشعارا بأن كلا من الزمانين وإن اختص بأحدهما فهو صالح للآخر عند الحاجة ويؤيده سائر الآيات الواردة فيه (٣) « كل يجري » أي كل من النيرين يجري في فلكه « إلى أجل مسمى » أي إلى منتهى معلوم ، الشمس إلى آخر السنة ، والقمر إلى آخر الشهور ، وقيل : إلى يوم القيامة (٤).
وقال في قوله « لاجل مسمى » مدة دوره أو منتهاه أو يوم القيامة (٥). « نسلخ منه النهار » أي نزيله ونكشفه عن مكانه ، مستعار من سلخ الجلد « فإذاهم مظلمون » أي داخلون في الظلام (٦).
____________________
(١) انوار التنزيل : ج ٢ ، ص ٢٢٣.
(٢) انوار التنزيل : ج ٢ ، ص ٢٣٨.
(٣) انوارالتنزيل : ج ٢ ، ص ٢٤٤.
(٤) انوارالتنزيل : ج ٢ ، ص ٢٥٧.
(٦) انوارالتنزيل : ج ، ٢ ، ص ٣٠٠.
(٥) انوارالتنزيل : ج ٢ ، ص ٣١١.