فإن اختلاف الاحوال يوجب تعددا ما في الذات ، أو إلى الكواكب فإن ذكرهما مشعر بها ، وقد مر معنى السباحة. « ورب المشارق » قال البيضاوي : أي مشارق الكواكب ، أو مشارق الشمس في السنة ، وهي ثلاثمائة وستون تشرق كل يوم في واحد وبحسبها تختلف المغارب ، ولذلك اكتفى بذكرها مع أن الشروق أدل على القدرة وأبلغ في النعمة ، وما قيل إنها مائة وثمانون إنما يصح لو لم تختلف أوقات الانتقال (١) « يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل » أي يغشي كل واحد منهما الآخر كأنه يلف عليه لف اللباس باللابس ، أو يغيبه به كما يغيب الملفوف باللفافة أو يجعله كارا عليه كرورا متتابعا تتابع أكوار العمامة « ألا هو العزيز » القادر على كل ممكن الغالب على كل شئ « الغفار » حيث لم يعاجل بالعقوبة وسلب ما في هذه الصنائع من الرحمة وعموم المنفعة (٢).
« لتسكنوا فيه » أي لتستريحوا فيه بأن خلقه باردا مظلما ليؤدي إلى ضعف المحركات وهدوء الحواس « والنهار مبصرا » يبصر فيه أو به ، وإسناد الابصار إليه مجاز ومبالغة ، ولذلك عدل به عن التعليل إلى الحال (٣).
« لاتسجدوا للشمس ولا للقمر » قال الطبرسي ره : وإن كان فيهما منافع كثيرة لانهما ليسا بخالقين « واسجدوا لله الذي خلقهن » وتأنيث الضمير لان غير ما يعقل يجمع على لفظ التأنيث ، ولانه في معنى الآيات « إن كنتم إياه تعبدون » أي إن كنتم تقصدون بعبادتكم الله كما تزعمون فاسجدوا لله دون غيره (٤).
« الشمس والقمر بحسبان » أي يجريان بحساب ومنازل لايعدوانها وهما يدلان على عدد الشهود والسنين والاوقات عن ابن عباس وغيره ، فاضمر يجريان وحذفه لدلالته الكلام عليه. وتحقيق معناه أنهاما يجريان على وتيرة واحدة وحساب بين
____________________
(١) انوارالتنزيل : ج ٢ ، ص ٣٢٠.
(٢) انوارالتنزيل : ج ٢ ، ص ٣٥٣.
(٣) انوارالتنزيل : ج ٢ ، ص ٣٧٩.
(٤) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٤٠ ، نقلا بالمعنى.