« وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ » أعاد ذكرهما لفضلهما ولأن اليهود خصوهما بالذكر « فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ » إنما لم يقل لهم لأنه قد يجوز أن ينتقلوا عن العداوة بالإيمان انتهى (١).
وأقول : الظاهر أن التعبير بالكافرين عنهم لبيان أن هذا أيضا من موجبات كفرهم وتدل الآية على أنه تجب محبة الملائكة وأن عداوتهم كفر.
« وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ » قال الطبرسي رحمهالله أي نشاهده فنصدقه « وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً » على ما اقترحوه لما آمنوا به فاقتضت الحكمة استئصالهم وذلك معنى قوله « لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ » وقيل معناه لو أنزلنا ملكا في صورته لقامت الساعة أو وجب استئصالهم « وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً » أي الرسول والذي (٢) ينزل عليه ليشهد بالرسالة كما يطلبون ذلك « لَجَعَلْناهُ رَجُلاً » لأنهم لا يستطيعون أن يروا الملك في صورته لأن أعين الخلق تحار عن رؤية الملائكة إلا بعد التجسم بالأجسام الكثيفة ولذلك كانت الملائكة تأتي الأنبياء في صورة الإنس وكان جبرئيل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه واله في صورة دحية الكلبي وكذلك « نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ » وإتيانهم إبراهيم ولوطا في صورة الضيفان من الآدميين « وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ » قال الزجاج كانوا هم يلبسون على ضعفتهم (٣) في أمر النبي صلى الله عليه واله فيقولون إنما هذا بشر مثلكم فقال لو أنزلنا ملكا فرأوهم الملك رجلا لكان يلحقهم فيه من اللبس مثل ما لحق ضعفتهم منهم وقيل لو أنزلنا ملكا لما عرفوه إلا بالتفكر وهم لا يتفكرون فيبقون في اللبس الذي كانوا فيه وأضاف اللبس إلى نفسه لأنه يقع عند إنزاله الملائكة (٤).
وقال رحمهالله في قوله تعالى « وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً » أي ملائكة يحفظون
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ ، ص ١٦٧ نقلا بالمعنى والتلخيص.
(٢) في المصدر : أى لو جعلنا الرسول ملكا أو الذي ...
(٣) الضعفة كالطلبة جمع « الضعيف ».
(٤) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٢٧٦.