فمرحبا بكم يا إخواني وأهل ودي ارتفعوا ارتفعوا ارتفعوا فما زال يرفعهم حتى ألصقهم بنفسه ، ثم قال لحاجبه : كم مرة حجبتهم؟ قال : ستين مرة فقال لحاجبه : فاختلف إليهم ستين مرة متوالية ، فسلم عليهم وأقرئهم سلامي فقد محوا ما كان من ذنوبهم باستغفارهم وتوبتهم ، واستحقوا الكرامة لمحبتهم لنا وموالاتهم ، وتفقد امورهم وأمور عيالاتهم فأوسعهم بنفقات ومبرات وصلات ، ورفع معرات.
قال عليهالسلام : ودخل رجل على محمد بن علي الرضا عليهماالسلام وهو مسرور فقال : مالي أراك مسرورا؟ قال : يا ابن رسول الله سمعت أباك يقول أحق يوم بأن يسر العبد فيه يوم يرزقه الله صدقات ومبرات ومدخلات من إخوان له مؤمنين ، فانه قصدنى اليوم عشرة من إخواني الفقراء ، لهم عيالات ، فقصدوني من بلد كذا وكذا فأعطيت كل واحد ، منهم ، فلهذا سروري.
فقال محمد بن علي عليهماالسلام : لعمري إنك حقيق بأن تسر إن لم تكن أحبطته أو لم تحبطه فيما بعد ، فقال الرجل : فكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلص؟ قال : هاه قد أبطلت برك باخوانك وصدقاتك ، قال : وكيف ذاك يا بن رسول الله؟ قال له محمد بن علي عليهالسلام : اقرء قول الله عزوجل « يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى » (١) قال : يا ابن رسول الله ما مننت على القوم الذين تصدقت عليهم ولا آذيتهم ، قال له محمد بن علي عليهالسلام إن الله عزوجل إنما قال « لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى » ولم يقل بالمن على من تتصدقون عليه ، وبالاذى لمن تتصدقون عليه وهو كل أذى ، أفترى أذاك القوم الذين تصدقت عليهم أعظم أم أذاك لحفظتك وملائكة الله المقربين حواليك أم أذاك لنا؟ فقال الرجل : بل هذا يا ابن رسول الله فقال : لقد آذيتني وآذيتهم ، وأبطلت صدقتك ، قلا : لما ذا؟ قال : لقولك ، و كيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلص؟
ثم قال : ويحك أتدري من شيعتنا الخلص؟ قال : لا ، قال : فان شيعتنا الخلص حزبيل المؤمن مؤمن آل فرعون ، وصاحب يس الذي قال الله تعالى « وجاء من أقصي
__________________
(١) البقرة : ٢٦٤.