وروي الصدوق ـ ره ـ في العلل بسند موثق عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن الارواح جنود مجندة ، فما تعارف منها في الميثاق ائتلف ههنا ، وما تناكر منها في الميثاق اختلف ههنا (١).
وروى بسند آخر عنه عليهالسلام أنه قال لرجل من أصحابه : ما تقول في الارواح أنها جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف؟ قال : فقلت : إنا نقول ذلك ، قال : فانه كذلك إن الله عزوجل أخذ على العباد ميثاقهم وهم أظلة قبل الميلاد ، وهو قوله عزوجل « وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم » (٢) ، الاية قال : فمن أقر له يومئذ جاءت الفته ههنا ومن أنكره يومئذ جاء خلافه ههنا.
وقال ابن الاثير في النهاية : فيه الارواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، مجندة أي مجموعة ، كما يقال الوف مؤلفة ، وفناطير مقنطرة ، ومعناه الاخبار عن مبدء كون الارواح وتقدمها على الاجساد ، أي أنها حلقت أول خلقها على قسمين من ائتلاف واختلاف ، كالجنود المجموعة إذا تقابلت وتواجهت ، ومعنى تقابل الارواح ما جعلها الله عليه من السعادة والشقاوة والاخلاق في مبدء الخلق ، يقول إن الاجساد التي فيها الارواح تلتقي في الدنيا ، فتأتلف وتختلف على حسب ما خلقت عليه ، ولهذا ترى الخير ، يحب الاخيار ويميل إليهم والشرير يحب الاشرار ويميل إليهم انتهى.
وقال الخطابي : خلقت قبلها تلتقي فلما التبست بالابدان تعارفت بالذكر الاول انتهى.
وأقول : استدل بهذا الحديث على أمرين : الاول خلق الارواح قبل الابدان والثاني أن الارواح الانسانية مختلفة في الحقيقة وقد أشبعنا القول في هذه المطالب في كتاب السماء والعالم.
__________________
(١) علل الشرائع ج ١ ص ٧٩ ، بتفاوت والذى يأتى بعده في ص ٨٠ من المصدر.
(٢) الاعراف : ١٧٢.