« فهذا القول » يحتمل أن يكون وجها آخر وهو أن هذا القول مناقض لفعل النبي صلىاللهعليهوآله من تكليفه من يريد الاسلام بالبيعة والتأكيد فيها فانها أفعال سوى الاعتقاد ، أو يكون مرجع الجميع إلى دليل واحد هو أنه لو كان أمرا قلبيا فأما أن يكتفي في إثبات ذلك أو نفيه بقوله أم لا ، فعلى الثانى لا يمكن قتل المشرك و قتاله أصلا ، وعلى الاول فلا بد من الاكتفاء باقراره ، فلا حاجة إلى التبعية و غيرها ، مما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يعتبره ويهتم به.
٢ ـ ن : باسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهمالسلام قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فاذا قالوها فقد حرم علي دماؤهم وأموالهم.
تبيين : روت العامة هذا الخبر بطرق مختلفة (١) وزيادة ونقصان في الالفاظ فمنها مارووه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوا : لا إله إلا الله ، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ، وقال الحسين بن مسعود في شرح السنة : حتى يقولوا لا إله إلا الله ، أراد به عبدة الاوثان دون أهل الكتاب ، لانهم يقولون لا إله إلا الله ثم لا يرفع عنهم السيف حتى يقروا بنبوة محمد صلىاللهعليهوآله أو يعطوا الجزية ، وقوله : « وحسابهم على الله » معناه فيما يستسرون به ، دون ما يخلون به ، من الاحكام الواجبة عليهم في الظاهر ، فانهم إذا أخلوا بشئ مما يلزمهم في الظاهر يطالبون بموجبه انتهى.
وأقول : كأن الاكتفاء بإحدى الشهادتين لتلازمهما ، والمراد بها الشهادتان معا ، بل مع ما تستلزمانه من الاقرار بما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله فانهم رووا أيضا أنه صلىاللهعليهوآله قال : امرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الاسلام ، وحسابهم على الله ، وفي رواية اخرى : حتى
__________________
(١) مشكاة المصابيح : ١٢ ـ ١٤.