في زمان واحد ، والاقرار باللسان دون القلب يجامع الكفر فلا يكون إسلاما حقيقة ، ولعل هذا هو السر في إحالة الاخبار بالاسلام على قول الاعراب دون قوله تعالى ، كما أشرنا إليه سابقا ،
إن قلت : إذا لم يكن إسلام الاعراب إسلاما عند الله تعالى كان مغريا لهم بالكذب حيث أمرهم أن يخبروا عن أنفسهم بالاسلام فقال : « قولوا أسلمنا » وهو محال عليه تعالى.
قلت : إنما أمرهم أمرا إرشاديا بأن يخبروا بالاسلام الظاهري وهو حق في الظاهر ، فلم يكن مغريا لهم بالكذب. حيث لم يأمرهم بأن يخبروا بأنهم مسلمون عند الله تعالى بالاسلام مطلقا ، وقد تقدم ما يصلح دليلا لما ادعيناه من التخصيص ، على أنه يمكن أن يقال إن الله سبحانه وتعالى لم يأمرهم بالاخبار أصلا لا ظاهرا ، ولا غيره ، بل أمر نبيه صلىاللهعليهوآله أن يأمرهم ، حيث قال تعالى « قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا » (١) أي ولكن قل لهم قولوا أسلمنا ، فالامر لهم بقول أسلمنا إنما هو من النبي صلىاللهعليهوآله لا من الله تعالى لما تقرر في الاصول من أن الامر بالامر بالشئ ليس أمرا بذلك الشئ.
واحتج أهل المذهب الثالث على كل من جزءي مدعاهم أما على أن الاسلام أعم في الحكم فبآية الاعراب المتقدمة ، والتقريب ما تقدم ، لكن لا يرد عليهم شئ مما أوردناه على استدلال أهل المذهب الثاني بها لانهم يدعون دلالتها على مغايرة الاسلام للايمان حقيقة ، وهم يدعون المغايرة في الحكم ظاهرا دون الحقيقة ، بل ما ذكرناه من الايرادات محقق لاستدلالهم بها ، إذ لا يتم لهم بدونه كما لا يخفى على من أحاط بما ذكرناه في بيان معنى هذاه الاية مما من به الواهب الكريم.
إن قلت : إن الشارع حكم بايمان من أقر بالمعارف الاصولية ظاهرا وإن كان في نفس الامر غير معتقد لذلك ، إذا لم يطلع عليه ، على حد ما ذكرتم في الاسلام فكما أن الايمان والاسلام الاعتقاديين متحدان فكذا الظاهريان ، فما وجه عموم
__________________
(١) الحجرات : ١٣.