الاسلام في الحكم وما معناه؟.
قلت : الاسلام يكفي في الحكم به ظاهرا الاقرار بالشهادتين ، مع عدم علم الاستهزاء والشك من لمعتبر ، بخلاف الايمان ، فانه لا بد في الحكم به ظاهرا مع ذلك من الاعتراف بأنه يعتقد الاصول الخمسة ، مع إقراره بها ، أو يقتصر على الاقرار بها مع عدم علمنا منه بما ينافي ذلك من استهزاء أو شك ، فهو أخص حكما من الاسلام ، وهذا الذي ذكرناه يشهد به كثير من الاحاديث ، وحكم علماء الامامية أيضا باسلام أهل الخلاف وعدم إيمانهم ، يؤيد ما قلناه.
وأما على أن الاسلام في الحقيقة هو الايمان فبقوله تعالى « فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين » (١) الاية والتقريب ما تقدم في بيان استدلال أهل المذهب الاول بها ، والاعتراض الاعترض ، لكن ما ذكر هناك من المعارضة بآية الاعراب لا يرد هنا لانا بينا أنها إنما تدل على المغايرة في الحكم ، وهو لاينافي الاتحاد في الحقيقة وأما هناك فلما كان المدعى الاتحاد مطلقا حكما وحقيقة ، أمكن المعارضة بها في الجملة.
وقد تقدم في كلام المحقق الطوسي قدسسره : أنهم استدلوا على كون حقيقتهما واحدة بقوله تعالى إن الدين عند الله الاسلام ويمكن تقريره بوجهين أحدهما : أن الايمان هو الدين والدين هو الاسلام ، فالايمان هو الاسلام أما الكبرى فللاية وأما الصغرى فلقوله تعالى « ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه » (٢) ولا ريب أن الايمان مقبول من يبتغيه دينا للاجماع ، فيكون الايمان دينا فيكون هو الاسلام ، وفيه أنه لا يلزم من صحة حمل الاسلام عليه كونهما واحدا في الحقيقة لجواز كون المحمول أعم ، ويمكن الجواب بما ذكرناه سابقا من إفادة مثل ذلك حصر الاسلام في الدين ، لكن يرد على دليل الصغرى أن اللازم منه كون الايمان دينا أما كونه نفس الدين ليكون هو الاسلام ، فلا ، لجواز أن يكون جزءا منه أو جزئيا له ، أو شرعا كذلك ، ولا ريب أن جزء الشئ أو جزئيه أو شرطه
__________________
(١) الذاريات : ٣٥. (٢) آل عمران : ٨٥.