بيان : « فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل » قال الطبرسي رحمهالله : أي فاصبر يا محمد على أذى هؤلاء الكفار ، وعلى ترك إجابتهم لك ، كما صبر الرسل و « من » هنا لتبيين الجنس ، فالمراد جميع الانبياء لانهم عزموا على أداء الرسالة و تحمل أعبائها ، وقيل : إن « من » ههنا للتبعيض ، وهو قول أكثر المفسرين و الظاهر في روايات أصحابنا ثم اختلفوا فقيل هم من أتى بشريعة مستأنفة نسخت شريعة من تقدمه ، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلىاللهعليهوآله وعليهم عن ابن عباس وقتادة ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام قالا : وهم سادة النبيين وعليهم دارت رحى المرسلين ، وقيل : هم ستة نوح صبر على أذى قومه ، وإبراهيم صبر على النار ، وإسحاق صبر على الذبح ، ويعقوب صبر على فقد الولد وذهاب البصر ، ويوسف صبر على البئر والسجن ، وأيوب صبر على الضر عن مجاهد.
وقيل هم الذين امروا بالجهاد والقتال وأظهروا المكاشفة وجاهدوا في الدين عن السدى والكلبي ، وقيل : هم أربعة إبراهيم ونوح وهود ورابعهم محمد صلىاللهعليهوآله عن أبي العالية ، والعزم هو الوجوب والحتم واولوا العزم من الرسل هم الذين شرعوا الشرايع وأوجبوا على الناس الاخذ بها ، والانقطاع عن غيرها انتهى (١).
قوله عليهالسلام : « لا كفرا به » أي إنكارا لحقيته بل إيمانا به وبصلاحه في وقت دون آخر ، وللنسخ مصالح كثيرة والعبد مأمور بالتسليم ، وكان من جملتها ابتلاء الخلق واختبارهم في ترك ما كانوا متمسكين به ، قوله : « ومنهاجه » كأنه إشارة إلى قوله تعالى « ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا » (٢).
٣ ـ فس : قوله : « شرع لكم من الدين » (٣) مخاطبة لرسول الله صلىاللهعليهوآله « ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك » يا محمد « وما وصينا به إبراهيم وموسى و عيسى أن أقيموا الدين » أي تعلموا الدين ، يعني التوحيد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والسنن والاحكام التي في الكتب والاقرار بولاية
__________________
(١) مجمع البيان ج ٩ ص ٩٤.
(٢) المائدة : ٤٨. (٣) الشورى : ١٣ ـ ١٥.