اختصاص لمعلوماتك ، بل أنت عالم بكل معلوم ، ولا يختص رحمتك حيا دون حي بل شملت جميع الحيوانات ، وفي هذا تعليم الدعاء ليبدأ بالثناء عليه قبل السؤال « فاغفر للذين تابوا » من الشرك والمعاصي « واتبعوا سبيلك » الذي دعوت إليه عبادك وهو دين الاسلام « وقهم » أي وادفع عنهم « عذاب الجحيم ».
وفي هذه الاية دلالة على أن إسقاط العقاب عند التوبة تفضل من الله ، إذ لو كان واجبا لكان لا يحتاج فيه إلى مساءلتهم ، بل كان يفعله الله سبحانه لا محالة « ربنا وأدخلهم » مع قبول توبتهم ووقايتهم النار « جنات عدن التي وعدتهم » على ألسن أنبيائك « ومن صلح من آبائهم وذرياتهم » ليكمل انسهم ويتم سرورهم « إنك أنت العزيز » القادر على ما تشاء « الحكيم » في أفعالك « وقهم السيئات » أي وقهم عذاب السيئات ويجوز أن يكون العذاب هو السيئات ، وسماه السيئات اتساعا كما قال « وجزاء سيئة سيئة مثلها » (١) « ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته » أي ومن تصرف عنه شر معاصيه فتفضلت عليه يوم القيامة باسقاط عقابها فقد أنعمت عليه « وذلك هو الفوز العظيم » أي الظفر بالبغية والفلاح العظيم انتهى (٢).
وأقول : روى الصدوق في العيون عن الرضا عليهالسلام في حديث طويل قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وإن الملائكة لخد امنا وخدام محبينا يا علي « الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا » بولايتنا (٣).
وفي الكافي باسناده عن ابن أبي عمير رفعه قال : إن الله أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والارض لنجوا بها ، قوله : « الذين يحملون العرش ومن حوله ـ إلى قوله ـ وذلك هو الفوز العظيم » (٤).
__________________
(١) الشورى : ٤٠.
(٢) مجمع البيان ج ٨ ص ٥١٥.
(٣) عيون اخبار الرضا « ع » ج ١ ص ٢٦٢.
(٤) الكافى ج ٢ ص ٤٣٢.