الظن ، ومنها « إن يتبعون إلا الظن » (١) « إن هم إلا يظنون » (٢) « إن بعض الظن إثم » (٣) فهذه قد اشتركت في التوبيخ على اتباع الظن ، والايمان لايوبخ من حصل له بالاجماع ، فلا يكون ظنا ، ومنها قوله تعالى « إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا » (٤) فنفى عنهم الريب ، فيكون الثابت هو اليقين ، وفي العرف يطلق عدم الريب على اليقين ، ومن السنة المطهرة قوله صلىاللهعليهوآله « يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك » والثبات هو الجزم والمطابقة ، وفيه منع لم لايجوز أن يكون طلبه عليهالسلام لانه الفرد الاكمل.
ومن الدلائل أيضا الاجماع حيث ادعى بعضهم أنه يجب معرفة الله تعالى التي لايتحقق الايمان إلا بها بالدليل إجماعا من العلماء كافة ، والدليل ما أفاد العلم ، والظن لايفيده ، وفي صحة دعوى الاجماع بحث لوقوع الخلاف في جواز التقليد في المعارف الاصولية كما سنذكره إن شاءالله تعالى.
واعلم أن جميع ما ذكرنا من الادلة لايفيد شئ منه العلم بأن الجزم والثبات معتبر في التصديق الذي هو الايمان ، إنما يفيد الظن باعتبارهما ، لان الايات قابلة للتأويل ، وغيرها كذلك ، مع كونها من الاحاد.
ثم قال رفع الله درجته : اعلم أن العلماء أطبقوا على وجوب معرفة الله بالنظر ، وأنها لاتحصل بالتقليد إلا من شذ منهم كعبدالله بن الحسن العنبري والحشوية ، والتعليمية ، حيث ذهبوا إلى جواز التقليد في العقائد الاصولية كوجود الصانع ، وما يجب له ويمتنع ، والنبوة والعدل وغيرها ، بل ذهب بعضهم إلى وجوبه ، لكن اختلف القائلون بوجوب المعرفة أنه عقلي أو سمعي فالامامية والمعتزلة على الاول ، والاشعرية على الثاني ، ولا غرض لنا هنا ببيان ذلك ، بل ببيان أصل الوجوب المتفق عليه.
ثم استدل بوجوب شكر المنعم عقلا ، وشكره على وجه يليق بكمال ذاته
____________________
(١) النجم : ٢٨. (٢) البقرة : ٧٨.
(٣) الحجرات : ١٢. (١٤) الحجرات : ١٥.