التصديق حاصلا ، وحينئذ فلا دلالة فيها على أن من ارتكب معصية غير مستحل أو مستحلا مع كون تحريمها لم يعلم من الدين ضرورة ، يكون كافرا ، وإنما ارتكبنا هذا الاضمار في الاية لما دل عليه النص والاجماع من أن الحاكم لو أخطأ في حكمه لم يكفر ، مع أنه يصدق عليه أنه لم يحكم بما أنزل الله.
واعلم أنه قد ظهر من هذا الجواب وجه آخر للجمع بين الايتين ، ورفع التعارض بين ظاهرهما ، بأن يراد من إحداهما ماذكرناه في الجواب ، ومن الاخرى ومن لم يحكم غير مستحل مع علمه بالتحريم فهو فاسق ، والحاصل أنه يقال لهم : إن أردتم بالطاعات والتروك ما علم ثبوته من الدين ضرورة ، فنحن نقول بموجب ذلك ، لكن لايلزم منه مدعاكم ، لجواز كون الحكم بكفره إما لجحده ما علم من الدين ضرورة ، فيكون قد أخل بما هو شرط الايمان ، وهو عدم الجحد على ماقدمناه ، أو لكون المذكورات جزء الايمان على ما ذهب إليه بعضهم ، وإن أردتم الاعم فلا دلالة لكم فيها أيضا وهو ظاهر.
وأما أهل الخامس القائلون بأنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان ، وعمل بالاركان ، فيستدل لهم بما استدل به أهل التصديق مع ما استدل به أهل الاعمال ومن أضاف الاقرار باللسان إلى الجنان ، وقد علمت تزييف ما سوى الاول وسيجئ إنشاءالله تعالى تزييف أدلة من أضاف الاقرار ، فلم يبق لمذهبهم قرار.
نعم في أحاديث أهل البيت عليهمالسلام ما يشهد لهم ، وقد ذكر في الكافي وغيره منها جملة فمنها مارواه عن عبدالرحيم القصير قال : كتبت مع عبدالملك بن أعين إلى أبي عبدالله عليهالسلام أسأله عن الايمان ما هو؟ إلى آخر الخبر (١) ومنها مارواه عن عجلان أبي صالح قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : أوقفني على حدود الايمان الخبر (٢) ومنها عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليهالسلام قال سألته عن الايمان الخبر (٣).
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٢٧. وقدمر في ج ٦٨ ص ٢٥٦ تحت الرقم ١٥ من الباب ٢٤.
(٢) الكافى ج ٢ ص ١٨ وقد مر في باب دعائم الاسلام ، راجع ج ٦٨ ص ٣٣٠.
(٣) راجع الرقم ٤ من هذا الباب ص ٢٢.