ثم قال قدسسره : واعلم أن هذه الاحاديث منها ماسنده غير نقي كالاول فان في سنده عبدالرحيم وهو مجهول مع كونه مكاتبة ، وأما الثاني فان سنده وإن كان جيدا إلا أن دلالته غير صريحة فان كون المذكورات حدود الايمان لايقتضي كونها نفس حقيقته إذ حد الشئ نهايته وما لايجوز تجاوزه فان تجاوزه خرج عنه ، ونحن نقول بموجب ذلك ، فان من تجاوز هذه المكذورات بأن تركها جاحدا لاريب في خروجه عن الايمان ، لكن لعل ذلك لكونها شروطا للايمان لالكونها نفسه ، وأما الثالث فان دلالته وإن كانت جيدة إلا أن في سنده إرسالا مع كون العلا مشتركا بين المقبول والمجهول ، وبالجملة فهذه الرواية معارضة بما هو أمتن منها دلالة وقد تقدم ذلك ، فليراجع ، نعم لاريب في كونها مؤيدة لما قالوه.
وأما أهل السادس القائلون بأنه التصديق مع كلمتي الشهادة ، ففيما مر من الاحاديث مايصلح شاهدا لهم ، وكذا ماذكره الكرامية مع ماذكره أهل التصديق يصلح شاهدا لهم ، وقد عرفت ما في الاولين ، فلا نعيده.
وأما السابع فانه مذهب جماعة من المتأخرين منهم المحقق الطوسي ـ ره ـ في تجريده فانه اعتبر في حقيقة الايمان مع التصديق الاقرار باللسان ، قال : ولا يكفي الاول لقوله تعالى « وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم » (١) أثبت للكفار الاستيقان النفسي ، وهو التصديق القلبي فلو كان الايمان هو التصديق القلبي فقط لزم اجتماع الكفر والايمان ، وهو باطل لتقابلهما تقابل العدم والملكة ، ولا الثاني يعني الاقرار باللسان لقوله تعالى « قالت الاعراب آمنا » الاية ولقوله تعالى : « ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين » (٢) فأثبت لهم تعالى في الايتين التصديق باللسان ، ونفى عنهم الايمان.
أقول : الاستدلال على عدم الاكتفاء بالثاني مسلم موجه ، وكذا على عدم الاكتفاء بالاول أما على اعتبار الاقرار ففيه بحث ، فان الدليل أخص من المدعى
____________________
(١) النمل : ١٤.
(٢) الحجرات : ١٣ ، البقرة : ٨.