أصل الايمان وعمدته كيف لم يكونا مكلفا به؟ وكيف لم تكن مباديهما بالاختيار؟
والاستشهاد بالاية على الاول ظاهر ، وعلى الثاني فلانه لما حصر الله تعالى الرشد والصلاح فيهما ، فلو لم يكونا اختياريين لزم الجبر ، والتكليف بما لا يطاق وهما منفيان بالدلائل العقلية والنقلية.
وأما الاية فقال الطبرسي رحمهالله : « ولكن الله حبب إليكم الايمان » أي جعله أحب الاديان إليكم بأن أقام الادلة على صحته ، وبما وعد من الثواب عليه « وزينه في قلوبكم » بالالطاف الداعية إليه « وكره إليكم الكفر » بما وصف من العقاب عليه ، وبوجوه الالطاف الصارفة عنه « والفسوق » أي الخروج عن الطاعة إلى المعاصي « والعصيان » أي جميع المعاصي وقيل : الفسوق الكذب ، وهو المروي عن أبي جعفر عليهالسلام « اولئك هم الراشدون » يعني الذين وصفهم بالايمان وزينه في قلوبهم ، هم المهتدون إلى معالي الامور ، وقيل : هم الذين أصابوا الرشد واهتدوا إلى الجنة انتهى (١).
ويحتمل أن يكون المراد بالكفر الاخلال بالعقائد الايمانية وبالفسوق الكبائر وبالعصيان الصغائر أو الاعم ، أو بالكفر ترك الايمان ظاهرا وباطنا ، وبالفسوق النفاق ، وبالعصيان جميع المعاصي.
وقد ورد في أخبار كثيرة قد مر بعضها أن الايمان أميرالمؤمنين وولايته والكفر والفسوق والعصيان الاول والثاني والثالث (٢) فيؤيد المعنى الاول الذي ذكرنا في صدر الكلام.
١٧ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي الحسن علي بن يحيى فيما أعلم ، عن عمرو بن مدرك الطائي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لاصحابه : أي عرى الايمان أوثق؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم وقال بعضهم : الصلاة ، وقال بعضهم : الزكاة ، وقال بعضهم : الصيام ، وقال بعضهم : الحج
____________________
(١) مجمع البيان ج ٩ ص ١٣٣.
(٢) راجع ج ٢٣ ص ٣٨٠ من هذه الطبعة الحديثة.