على مثل الجمر قلقهم واضطرابهم من خوف المعاد وعذاب النار ، والمراد بين أعينهم جباههم مجازا ، أو الموضع حقيقة للارغام في السجود ، والاول أظهر « وهملت » كضربت ونصرت : أي سالت وفاضت ، وجيب القميص ونحوه بالفتح طوقه ومادوا تحركوا واضطربوا ، والريح العاصف والعاصفة الشديدة « وخوفا » مفعول له لقوله عليهالسلام : « مادوا » فقط فسيلان العين للحب والشوق أو للفعلين جميعا أو للجميع على بعد ، ويدل على أن الخوف من العقاب ، والرجاء للثواب لاينافيان الاخلاص.
٣٠ ـ نهج : قال عليهالسلام في بعض خطبه : أين القوم الذين دعوا إلى الاسلام فقبلوه ، وقرؤا القرآن فأحكموه ، وهيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح إلى أولادها ، وسلبوا السيوف أغمادها ، وأخذوا بأطراف الارض زحفا زحفا وصفا صفا ، بعض هلك ، وبعض نجا ، لايبشرون بالاحياء ، ولايعزون عن الموتى (١) مره العيون من البكاء ، خمص البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من الدعاء ، صفر الالوان من السهر ، على وجوههم غبرة الخاشعين ، اولئك إخواني الذاهبون ، فحق لنا أن نظمأ إليهم ونعض الايدي على فراقهم (٢).
بيان : كأن المراد بأحكام القرآن حفظ الالفاظ عن التحريف والتدبر في معناه والعمل بمقتضاه ، وأهاجه أثاره ، والمراد به تحريصهم وترغيبهم إليه ، والوله بالتحريك ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد من حزن أو فرح ، وقيل : هو شدة الحب ، يقال : وله كفرح وكوعد على قلة ، والوله إلى الشئ الاشتياق إليه واللقاح ككتاب الابل أو الناقة ذات اللبن واللقوح واحدتها ، والحاصل أنهم اشتاقوا إلى الحرب بعد الترغيب اشتياق اللقاح إلى أولادها ، وفي بعض النسخ « فولهوا اللقاح أولادها » قيل : أي جعلوا اللقاح والهة إلى أولادها بركوبهم إياها عند خروجهم إلى الجهاد ، وقوله عليهالسلام « أولادها » نصب باسقاط الجار إذالفعل أعني « وله » غير
____________________
(١) عن القتلى خ ل.
(٢) نهج البلاغة ج ١ ص ٢٥١ تحت الرقم ١١٩.