فقال « والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله » فقال الله عزوجل : لهم المغفرة والجنة إذا فعلوا ذلك ، فقال النبي « سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير » يعني المرجع في الاخرة ، فأجابه قد فعلت ذلك بتائبي امتك قد أوجبت لهم المغفرة ثم قال الله تعالى : أما إذا قبلتها أنت وامتك وقد كانت عرضت من قبل على الانبياء والامم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها عن امتك فقال الله تعالى « لايكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت » من خير « و عليها ما اكتسبت » من شر ، ألهم الله عزوجل نبيه أن قال « ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا » فقال الله سبحانه : أعطيتك لكرامتك إلى آخر الخبر (١).
وأما المخالفون فهم اختلفوا في ذلك قال الرازي في تفسير هذه الاية : يروى عن ابن عباس أنه قال : لما نزلت هذه الاية جاء أبوبكر وعمر وعبدالرحمان بن عوف ومعاذ وناس إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا رسول الله كلفنا من العمل مالا نطيق إن أحدنا ليحدث نفسه بما لايحب أن يثبت في قلبه وإنه لذنب فقال النبي صلىاللهعليهوآله فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل سمعنا وعصينا ، فقولوا سمعنا و أطعنا ، فقالوا سمعنا وأطعنا واشتد ذلك عليهم فمكثوا في ذلك حولا فأنزل الله تعالى « لايكلف الله نفسا إلا وسعها » فنسخت هذه الاية ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : إن الله تجاوز عن امتي ما حدثوا به أنفسهم مالم يعملوا أو تكلموا به.
واعلم أن محل البحث في هذه الاية أن قوله « إن تبدوا » الخ يتناول حديث النفس والخواطر الفاسدة التي ترد على القلب ، ولايتمكن من دفعها ، فالمؤاخذة بها تجري مجرى تكليف مالا يطاق ، والعلماء أجابوا عنه من وجوه :
الاول أن الخواطر الحاصلة في القلب على قسمين فمنها ما يوطن الانسان نفسه عليه والعزم على إدخاله في الوجود ، ومنها مالا يكون كذلك ، بل يكون امورا خاطرة بالبال مع أن الانسان يكرهها ولكنه لايمكنه دفعها عن نفسه ، فالقسم الاول يكون مؤاخذا به ، والثاني لايكون مؤاخذا به ، ألا ترى إلى قوله تعالى :
____________________
(١) ارشاد القلوب المجلد الثانى.