« لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم » (١) وقال في آخر هذه السورة : « لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت » (٢) وقال : « إن الذين يحبون أن تيشع الفاحشة » (٣) هذا هو الجواب المعتمد.
الوجه الثاني أن كل ما كان في القلب مما لايدخل في العمل فانه في محل العفو وقوله « وإن تبدوا » إلى آخرها فالمراد منه أن يدخل ذلك العمل في الوجود إما ظاهرا أو على سبيل الخفية ، وأما ما يوجد في القلب من العزائم والارادات ولم يتصل بالعمل ، فكل ذلك في محل العفو ، وهذا الجواب ضعيف لان أكثر المؤاخذات إنما يكون بأفعال القلوب ، ألا ترى أن اعتقاد الكفر والبدع ليس إلا من أعمال القلوب ، وأعظم أنواع العقاب مرتب عليه أيضا ، وأفعال الجوارح إذا خلت من أعمال القلوب ، لايترتب عليها عقاب ، كأفعال النائم والساهي فثبت ضعف هذا الجواب.
والوجه الثالث أنه تعالى يؤاخذ بها ومؤاخذتها من الغموم في الدنيا وروى في ذلك خبرا عن عائشة ، عن النبي صلىاللهعليهوآله.
الوجه الرابع أنه تعالى قال : « يحاسبكم به الله » ولم يقل يؤاخذكم به الله وقد ذكرنا في معنى كونه حسيبا ومحاسبا وجوها منها كونه عالما بها ، فرجع المعنى إلى كونه تعالى عالما بالضمائر والسرائر ، وروي عن ابن عباس أنه تعالى إذا جمع الخلائق يخبرهم بما كان في نفوسهم ، فالمؤمن يخبره ويعفو عنه ، وأهل الذنوب يخبرهم بما أخفوا من التكذيب والذنب.
الوجه الخامس أنه تعالى ذكر بعد هذه الاية « فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء » فيكون الغفران نصيبا لمن كان كارها لورود تلك الخواطر ، والعذاب لمن كان مصرا عليها مستحسنا لها.
الوجه السادس قال بعضهم : المراد بهذه الاية كتمان الشهادة ، وهو ضعيف وإن كان واردا عقيبه.
____________________
(١ و ٢) البقرة : ٢٢٥ و ٢٨٦. (٣) النور : ١٩.