فقال لهم : إن يوسف كان نبيا يلبس أقبية الديباج المزردة بالذهب ، ويجلس على متكآت آل فرعون ويحكم ، إنما يراد من الامام قسطه وعدله : إذا قال صدق ، وإذا حكم عدل ، وإذا وعد أنجز ، إن الله لم يحرم لبوسا ولا مطعما ثم قرأ : « قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق » الآية (١).
١٢ ـ ثم قال ابن أبي الحديد : رويت عن الشيوخ ورأيت بخط عبدالله بن أحمد الخشاب رحمهالله أن الربيع بن زياد الحارثي أصابته نشابة في جبينه فكانت تنتقض عليه في كل عام ، فأتاه علي عليهالسلام عائدا فقال : كيف تجدك أبا عبد الرحمن؟ قال : أجدني يا أمير المؤمنين لو كان لايذهب مابي إلا بذهاب بصري لتمنيت ذهابه ، قال : وما قيمة بصرك عندك؟ قال : لو كانت لي الدنيا لفديته بها ، قال : لاجرم ليعطينك الله على قدر ذلك ، إن الله يعطي على قدر الالم والمصيبة ، وعنده تضعيف كثير.
قال الربيع : يا أمير المؤمنين ألا أشكو إليك عاصم بن زياد أخي؟ قال : ماله؟ قال : لبس العباء وترك الملاء ، وغم أهله وحزن ولده ، فقال عليهالسلام : ادعوا لي عاصما ، فلما أتاه عبس في وجهه وقال : ويحكم يا عاصم أترى الله أباح لك اللذات ، وهو يكره ما أخذت منها؟ لانت أهون على الله من ذلك ، أو ما سمعته يقول : « مرج البحرين يلتقيان » ثم قال : « يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان » (٢) وقال : « ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها » (٣) أما والله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال ، وقد سمعتم الله يقول : « وأما بنعمة ربك فحدث » (٤) وقوله : « قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ».
____________________
(١) الاعراف : ٣٢.
(٢) الرحمن ٢٢ ١٩.
(٣) فاطر : ٣٥.
(٤) الضحى : ١١.