النبي صلىاللهعليهوآله.
الثالث أن يقال : إنه من خصائصه عليهالسلام على وجه آخر ، وهو أنه عليهالسلام كان يعلم أن هذا الحائط لاينهدم في هذا الوقت ، فلما علم أنه حان وقت سقوطه قام فسقط ، ويؤيده مارواه الصدوق في التوحيد (١) باسناده عن الاصبغ ابن نباتة أن أمير المؤمنين عليهالسلام عدل من عند حائط آخر فقيل له : يا أمير المؤمنين تفر من قضاء الله؟ قال : أفر من قضاء الله إلى قدر الله ، ولعل المعنى أني لما علمت أنه ينهدم وأعلم أن الله قدر لي أجلا متأخرا عن هذا الوقت ، فأفر من هذا إلى أن يحصل لي القدر الذي قدره الله لي ، أو المراد بقدر الله أمره وحكمه أي إنما أفر من هذا القضاء بأمره تعالى ( أو المعنى أن الفرار أيضا من تقديره تعالى ) فلا ينافي كون الاشياء بقضاء الله تعالى الفرار من البلايا والسعي لتحصيل مايجب السعي له ، فان كل ذلك داخل في علمه وقضائه ، ولا ينافي شئ من ذلك اختيار العبد ، كما حققناه في محله.
ويؤيد الوجوه كلها ماروي في الخصال باسناده عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خمسة لايستجاب لهم أحدهم رجل مر بحايط مايل وهو يقبل إليه ولم يسرع المشي حتى سقط عليه الخبر (٢).
الرابع ماقال بعضهم : التكليف بالفرار مختص بغير الموقن لان الموقن يتوكل على الله ، ويفوض أمره إليه ، فيقيه عن كل مكروه ، كما قال عزوجل : « أليس الله بكاف عبده » (٣) وكما قال مؤمن آل فرعون : « وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد * فوقاه الله سيئات ما مكروا » (٤) وسر ذلك أن المؤمن الموقن المنتهي إلى حد الكمال لاينظر إلى الاسباب والوسايط في النفع والضر
____________________
(١) التوحيد ص ٣٧٧.
(٢) الخصال ج ١ ص ١٤٣.
(٣) الزمر : ٣٦.
(٤) غافر : ٤٤.