بين سبحانه أنه حفظ الغلامين بصلاح أبيهما ، ولم يذكر منهما صلاحا عن ابن عباس وروي عن أبي عبدالله عليهالسلام أنه كان بينهما وبين ذلك الاب الصالح سبعة آباء وقال عليهالسلام : إن الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله ، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله (١).
« فأراد ربك أن يبلغا أشدهما » قال البيضاوي : أي الحلم وكمال الرأي « ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك » أي مرحومين من ربك ، ويجوز أن يكون علة أو مصدرا لاراد ، فان إرادة الخير رحمة ، وقيل : يتعلق بمحذوف تقديره فعلت مافعلت رحمة من ربك انتهى.(٢).
قوله عليهالسلام : « ماكان ذهبا ولا فضة » أقول : يدل على أن الاخبار الواردة بأنه كان من ذهب محمولة على التقية ، ويمكن أن يحمل هذا الخبر على أنه لم يكن كونه كنزا وادخاره وحفظ الخضر عليهالسلام له لكونه ذهبا بل للعلم الذي كان فيه ، وإنما اقتصر على هذه الاربع لان الاولى مشتملة على توحيد الله وتنزيهه عن كل مالايليق به سبحانه ، والثانية على تذكر الموت والاستعداد لما بعده ، والثالثة على تذكر أحوال القيامة وأهوالها الموجب لعدم الفرح بلذات الدنيا والرغبة في زخارفها ، والرابعة على اليقين بالقضاء والقدر المتضمن لعدم الخشية من غير الله ، وهي من أعظم أركان الايمان ومن امهات الصفات الكمالية.
« لم يضحك سنه » إنما نسب الضحك إلى السن لاخراج التبسم فانه ممدوح وكان ضحك رسول الله صلىاللهعليهوآله تبسما وقراءته بالنصب بأن يكون المراد بالسن العمر بعيد ، وظاهر أن تذكر الموت والاهوال التي بعده يصير الانسان مغموما مهموما متهيئا لرفع تلك الاهوال ، فلا يدع في قلبه فرحا من اللذات يصير سببا لضحكه ، وكذا اليقين بالحساب لايدع فرحا في قلب اولي الالباب ، وكذا من أيقن بأن جميع الامور بقضاء الله وقدره علم أنه الضار النافع في الدنيا والآخرة
____________________
(١) مجمع البيان ج ٦ ص ٤٨٨.
(٢) أنوار التنزيل ص ٢٥٢.