ومقدمات ، فما الذي تقترحون؟ فهذا رب العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم ، ويزيد في بصائر المؤمنين منكم.
قالوا : قد أنصفتنا يامحمد فان وفيت بما وعدت من نفسك من الانصاف وإلا فأنت أول راجع من دعواك النبوة ، وداخل في غمار الامة ومسلم لحكم التوراة ليعجزك عما نقترحه عليك ، وظهور باطل دعواك فيما ترومه من جهتك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الصدق ينبئ عنكم لا الوعيد (١) اقترحوا ما أنتم تقترحون ليقطع معاذيركم فيما تسألون.
فقالوا له : يامحمد زعمت أنه مافي قلوبنا شئ من مواساة الفقراء ، ومعاونة الضعفاء ، والنفقة في إبطال الباطل وإحقاق الحق ، وأن الاحجار ألين من قلوبنا وأطوع لله منا ، وهذه الجبال بحضرتنا فهلم بنا إلى بعضها فاستشهده على تصديقك وتكذيبنا ، فان نطق بتصديقك فأنت المحق ، يلزمنا اتباعك ، وإن نطق بتكذيبك أو صمت فلم يرد جوابك ، فاعلم أنك المبطل في دعواك ، المعاند لهواك فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : نعم هلموا بنا إلى أيها شئتم فأستشهده ليشهد لي عليكم
فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه ، فقالوا : يامحمد هذا الجبل فاستشهده ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله للجبل : إني أسألك بجاه محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة ، بعد أن لم يقدروا على تحريكه وهم خلق كثير لايعرف عددهم إلا الله عزوجل ، وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم تاب الله على آدم ، وغفر خطيئته ، وأعاده إلى مرتبته ، وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم وسؤال الله بهم رفع إدريس في الجنة مكانا عليا لما شهدت لمحمد بما أودعك الله بتصديقه على هؤلاء اليهود ، في ذكر قساوة
____________________
(١) مثل سائر ، يعنى أن الصدق يدفع عنك الغائلة في الحرب دون التهديد. قال أبوعبيدة : هو ينبى غير مهموز ، ويقال : أصله الهمز من الانباء ، اى ان الفعل يخبر عنك لا القول ، راجع الصحاح ج ٦ ص ٢٥٠٠ ، وفي مجمع الامثال ج ١ ص ٣٩٨ يقول : انما ينبئ عدوك عنك أن تصدقه في المحاربة وغيرها ، لا أن توعده ولاتنفد لما توعد به.