وأن يهديك لقصدك ، فعهدت إليك وصيتي بهذه.
واعلم مع ذلك يا بني أن أحب ما أنت آخذ به من وصيتي إليك تقوى الله والاقتصار على ما فرضه الله عليك ، والاخذ بما مضى عليه الاولون من آبائك و الصالحون من أهل بيتك فانهم لن يدعوا أن ينظروا لانفسهم كما أنت ناظر ، وفكروا كما أنت مفكر ، ثم ردهم آخر ذلك إلى الاخذ بما عرفوا ، والامساك عما لم يكلفوا فان أبت نفسك عن أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك لذلك بتفهم و تعلم لا بتور ط الشبهات وعلو الخصومات ، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك عليه والرغبة إليه وفي توفيقك ونبذكل شائبة أدخلت عليك كل شبهة ، أو أسلمتك إلى ضلالة فان أيقنت أن قد صفا لك قبلك فخشع وتم رأيك فاجتمع ، وكان همك في ذلك هما واحدا ، فانظر فيما فسرت لك ، وإن لم يجتمع لك رأيك على ما تحب من نفسك وفراغ نظرك وفكرك ، فاعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء (١) [ وتتورط الظلماء ] (٢) وليس طالب الدين من خبط ولا خلط ، والامساك عند ذلك أمثل (٣).
وإن أول ما أبدؤك به في ذلك وآخره أني أحمد إليك الله إلهى وإله الاولين والاخرين ورب من في السماوات والارضين بما هو أهله ، وكما يجب وينبغي له ، ونسأله أن يصلي على سيدنا محمد النبي صلىاللهعليهوآله ، وعلى أنبياء الله بجميع صلاة من صلى عليه من خلقه ، وأن يتم نعمته علينا بما وفقنا له من مسألته بالاستجابة لنا فان بنعمته تتم الصالحات.
يا بني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها وانتقالها وزوالها بأهلها ، وأنبأتك عن الاخرة وما أعد الله فيها لاهلها ، وضربت لك أمثالا لتعتبر وتحذو عليها الامثال
____________________
(١) العشواء : ضعيفة البصر أى تخبط خبط الناقة العشواء لا تأمن أن تسقط فيما لا خلاص منه ، واشعار لفظ الخبط له باعتبار أنه طالب للعلم من غير استكمال شرائط الطلب وعلى غير وجهه فهو متعسف ، سالك على غير طريق المطلوب كالناقة العشواء.
(٢) أى تدخل في الورطة وهى الهلكة.
(٣) لان كف النفس عن الخبط والخلط في أمر الدين أقرب إلى الخير وأفضل.