ولهن من الارتياب وليس خروجهن بأشد من دخول من لايوثق به عليهن (١) وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك من الرجال فافعل ، ولا تملك المرأة من الامر ما جاوز نفسها فان ذلك أنعم لحالها وأرخى لبالها وأدوم لجمالها فان المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ولا تعد بكرامتها نفسها (٢) ولا تعطيها أن تشفع لغيرها فيميل شفعت له عليك معها ولا تطل الخلوة مع النساء فيمللنك وتمللهن (٣) واستبق من نفسك بقية فان إمساكك عنهن وهن ترين أنك ذواقتدار خير من أن يعثرن منك على النكسار (٤) و إياك والتغاير في غير موضع الغيرة (٥) فان ذلك يدعوا الصحيحة منهن إلى السقم ولكن أحكم أمرهن فان رأيت عيبا فعجل النكير على الكبير والصغير وإياك أن تعاتب فيعظم الذنب ويهون العتب ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا ، وما خير بخير لا ينال إلا بشر ويسر لا ينال إلا بعسر (٦) وإياك أن توجف بك مطايا الطمع (٧) وإن
____________________
(١) أى ادخال من لا يوثق به عليهن اما مساو لخروجهن في المفسدة أو أشد وكل ما كان كذلك لا يجوز الرخصة فيه ، وانما كان أشد في بعض الصور لان دخول من لا يوثق به عليهن أمكن لخلوته بهن والحديث معهن فيها يزاد من الفساد.
(٢) أى لا تكرمها بكرامة تتعدى صلاحها أولا تجاوز باكرامها نفسها فتكرم غيرها بشفاعتها.
(٣) أين هذه الوصية من حال الذين يصرفون النساء في مصالح الامة ويعدون أنفسهم ـ على ما يلهجون بها ـ : المصلح ويرفعون الاصوات بانتصار المرأة ومطالبة حقها في الشؤون الاجتماعية ويزعمون أن العفاف اهتضام المرأة وصيانتها عن الفساد تضييع حقها ويقولون كلمة حق أرادوا به الباطل ، فأوقدوا نيران الشهوات وأفسدوا الامة. واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون ألا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون.
(٤) عثر يعثر عثورا على السر وغيره : اطلع عليه.
(٥) التغاير : اظهار الغيرة على المرأة بسوء الظن في حالها من غير موجب.
(٦) أى ان الخير الذى لا ينال الا بشر لا يكون خيرا بل يكون شرا لان طريقه شر فكيف يكون خيرا. وهكذا ما لاينال الابعسر لا يكون يسرا. وقيل : ان العسر الذى يخشاه الانسان هو ما يضطره لرذيل الفعال فهو يسعى كل جهده ليتحامى الوقوع فيه فان جعل الرذائل وسيلة لكسب اليسراى السعة فقد وقع أول الامر فيما يهرب منه فما الفائدة في يسره وهو لايحميه من النقيصة.
(٧) توجف أى تسرع سيرأ سريعا. والمطايا جمع المطية وهى الدابة التى تركب. والمناهل جمع منهل : موضع الشرب على الطريق وما ترده ابل ونحوها للشرب.