تحريك كل شفة ومستقر كل نسمة ، ومثقال كل ذرة ، وهما هم كل نفس هامة ، وما عليها من ثمر شجرة ، أوساقط ورقة ، أوقرارة نطفة ، أو نقاعة دم ومضغة (١) أو ناشئة خلق وسلالة ، لم يلحقه في ذلك كلفة ، ولا اعترضته في حفظ ما ابتدع من خلقه عارضة ، ولا اعتورته في تنفيذ الامور (٢) وتدابير المخلوقين ملالة ولا فترة ، بل نفذ [ في ] هم علمه ، وأحصاهم عدة ، ووسعهم عدله ، وغمر هم فضله مع تقصير هم (٣) عن كنه ما هو أهله.
اللهم أنت أهل الوصف الجميل ، والتعداد الكثير إن تؤمل فخير مأمول ، وإن ترج فأكرم مرجو ، اللهم وقد بسطت لي [ لسانا ] فيما لا أمدح به غيرك ، ولا اثني به على أحد سواك ، ولا أوجهه إلى معادن الخيبة ومواضع الريبة ، وعدلت بلساني عن مدائح الآدميين ، والثناء على المربوبين المخلوقين ، اللهم ولكل مثن على من أثنى عليه مثوبة من جزاء أو عارفة من عطاء ، وقد رجوتك دليلا على ذخائر الرحمة وكنوز المغفرة ، اللهم وهذا مقام من أفردك بالتوحيد الذي هو لك ، و
____________________
الارض كالعمود. و « تعفو » أى تمحو. والعوم : السباحة. والكثيب : التل من الرمل. وذروة ـ بالضم والكسر ـ أعلاه جمعها ذرى. والشناخيب رؤوس الجبال كمامر. وغرد الطائر ـ كفرح : رفع صوته ، وذوات المنطق من الطيور ماله صوت وغناء كأن غيرهم أبكم ولا يقدر على النطق. والد يا جير جمع ديجور وهو الظلمة. واو عبتة : أى جمعته. وحضنت عليه أى ربته وما حضنته الامواج العنبر والمسك وغير هما. والسدفة ـ بالضم ـ : الظلمة. وذر : طلع.
وسبحات النور : درجاته وأطواره ومراته. والرجع ترديد الصوت.
(١) الهمهمة : الصوت الخفى أو ترديد الصوت في الحق ـ و « هامة » أى ذات همة والضمير في عليها راجع إلى الرض وان لم يسبق ذكرها ويعتمد في مثله على فهم المخاطب كقوله تعالى « كل من عليها فان ». والنقاعة نقرة يجمع فيها الدم ، والمضغة عطف على « نقاعة » أى يعلم مقر جميع ذلك « استفدنا كثيرا في شرح هذه الخطب من بهجة الحدائق للسيد محمد ابن امير شاه ».
(٢) اعتورته أى تداولته وتناولته.
(٣) غمرهم أى غطاهم وسترهم كما يغمر البحر ما غاص فيه.