لم ير مستحقا لهذه المحامد والممادح غيرك ، وبي فاقة إليك لا يجبر مسكنتها إلا فضلك ، ولا ينعش من خلتها إلا منك وجودك (١) فهب لنا في هذا المقام رضاك ، وأغننا عن مد الايدي إلى سواك ، إنك على كل شئ قدير.
١٨ ـ جوابه عليهالسلام لليهودى :
جاء رجل من اليهود إلى أمير المؤمنين علي عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين متى كان ربنا عزوجل؟ فقال له عليهالسلام : يا يهودي [ ماكان ] لم يكن ربنا فكان و إنما يقال متى كان لشئ لم يكن فكان هو كائن بلا كينونة كائن لم يزل ليس له قبل ، هو قبل القبل ، وقبل الغاية ، انقطعت عنه الغايات ، فهو غاية كل غاية.
١٩ ـ من كتاب مطالب السؤول (٢) لمحمد بن طلحة : من خطب أمير المؤمنين عليهالسلام ما ذكر بعد انصرافه من صفين :
أحمده استتماما لنعمته ، واستسلاما لعزته ، واستعصاما من معصيته ، وأستعينه فاقة إلى كفايته إنه لا يضل من هداه ، ولا يئل من عاداه ، ولا يفتقر من كفاه ، فانه أرجح ما وزن (٣) وأفضل ما خزن ، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة ممتحنا إخلاصها معتقدا مصاصها ، نتمسك بها أبدا ما أبقانا ، وند خرها لاهوال ما يلقانا ، فانه عزيمة الايمان ، وفاتحة الاحسان ، ومرضاة الرحمن ، ومدحرة الشيطان (٤).
وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، أرسله بالدين المشهور ، والعلم المأثور ، و الكتاب المسطور ، والنور الساطع ، والضياء اللامع ، والامر الصادع ، إزاحة للشبهات واحتجاجا بالبينات ، وتحذيرا بالآيات ، وتخويفا بالمثلات ، والناس في فتن انجذم
____________________
(١) نعشه : رفعه. والخلة ـ بالفتح : الفقر. والمن : الاحسان.
(٢) المصدر ص ٥٨ وفى النهج تحت رقم ٢.
(٣) وأل يئل : نجى وخلص. والضمير في « انه » راجع إلى الحمد المفهوم من أحمده وقد يكون الضمير عائدا لله.
(٤) مصاص كل شئ خالصه ، والاهاويل جمع الاهول ، ودحره ـ كمنعه ـ طرده وأبعده.