اللهم إن دجلة والفرات نهران أصمان أبكمان فأرسل عليهم ماء بحرك ، و انزع عنهم ماء نصرك ، حبذا إخواني الصالحين ، إن دعوا إلى الاسلام قبلوه ، وقرؤا القرآن فأحكموه ، وندبوا إلى الجهاد فطلبوه ، فحقيق لهم الثناء الحسن ، واشوقاه إلى تلك الوجوه ، ثم ذرفت عيناه ونزل عن المنبر ، وقال : إنالله وإنا إليه راجعون إلى ما صرت إليه ، صرت إلى قوم إن أمرتهم خالفوني وإن اتبعتهم تفرقوا عني جعل الله لي منهم فرجا عاجلا.
ثم دخل منزله فجاءه رجل من أصحابه فقال : يا أمير المؤمنين إن الناس قد ندموا على تثبطهم وقعودهم وعلموا أن الحظ في إجابتك لهم ، فعاودهم في الخطبة فلما أصبح من الغد دخل المسجد الاعظم ونودي في الناس فاجتمعوا فلما غص المسجد بالناس صعدالمنبر وخطب هذه الخطبة.
٢٧ ـ فقال بعد أن حمد الله تعالى : أيها الناس ألا ترون إلى أطرافكم قدا نتقصت وإلى بلاد كم تغرى ، وأنتم ذوعدد جم وشوكة شديدة ، فما بالكم اليوم لله أبوكم من أين تؤتون ومن أين تسخرون ، وأنى تؤفكون ، انتبهوا رحكم الله وتحركوا لحرب عدوكم فقد أبدت الرغوة عن الصريخ لذي عينين وقد أضاء الصبح لذي عشاء فاسمعوا قولي هدا كم الله إذا قلت ، وأطيعوا أمري إذا أمرت فوالله لئن أطعتموني لن تغووا ، وإن عصيتموني لن ترشدوا ، خذوا للحرب اهبتها (١) وأعدوالها عدتها ، واخرجوا لها فقد شبت وأوقدت نارها ، وتحرك لكم الفاسقون لكي يطفئوا نور الله ويغزوا عبادالله ، فوالله أن لولقيتم وحدي وهم أضعاف ما هم عليه لما كنت بالذي أهابهم ، ولا أستوحش [ منهم و ] من قتالهم ، فإني من ضلالتهم التي هم عليها والحق الذي [ أنا عليه لعلى بصيرة ويقين ، وإني إلى لقاء ربي لمشتاق ، وبحسن ثوابه لمنتظر ، وهذا القلب الذي ألقاهم به هو القلب الذي ] لقيت به الكفار مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو القلب الذي لقيت به أهل الجمل وأهل صفين ليلة الهرير فاذا أنا نفرتكم فانفروا خفافا وثقالا ، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله
____________________
(١) الاهبة : الاسباب والالات.