الذل (١) ولا يدرك الحق إلا بالجد ، فخبروني يا أهل العراق مع أي إمام بعدي تقاتلون أم أية دار تمنعون ، الذليل والله من نصرتموه ، والمغرور من غررتموه وأصبحت ولا أطمع في نصركم ، ولا أصدق قولكم ، فرق الله بيني وبينكم وأبدلكم بي غيري وأبدلني بكم من هو خير لي منكم ، أما إنه ستلقون بعدي ذلا شاملا وسيوفا قاطعة ، وأثرة قبيحة ، ويتخذها الظالمون عليكم سنة. فتبكي عيونكم ، ويدخل الفقر بيوتكم وقلوبكم ، وتتمنون في بعض حالاتكم إنكم رأيتموني فنصر تموني ، و أرقتم دماءكم دوني فلا يبعد الله إلا من ظلم.
يا أهل الكوفة أعظكم فلا تتعظون ، وأو قظكم فلا تستيقظون إن من فازبكم فقد فاز بالخيبة ، ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل ، اف لكم لقد لقيت منكم ترحا (٢) يوما اناديكم ويوما اداجيكم (٣) فلا أحرار عند النداء ولا ثبتة عند المصائب فيالله ما ذا منيت به منكم (٤) لقد منيت بصم لا يسمعون وكمه لا يبصرون ، وبهم لا يعقلون ، أما والله لو أني حين أمرتكم بأمري حملتكم على المكروه مني فإذا استقمتم هديتم وإن أبيتم بدأت بكم لكانت الزلفي ولكني تواخيت لكم وتوانيت عنكم وتماديت في غفتلكم فكنت أنا وأنتم كما قال الاول : أمرتهم بأمري بمنعرج اللوى * فلم تستبينوا الرشد إلا ضحى الغد (٥)
____________________
(١) كذا ، والضيم : الظلم وفى النهج وأمالى الشيخ ج ١ ص ١٨٣ « ولا يدفع الضيم الذليل ». وهو الاصواب.
(٢) الافوق من السهام : المكسور الفوق. والفوق موضع الوتر من السهم. والناصل : العارى عن النصل ولا يخفى طيش السهم الذى لا فوق له ولا نصل فانه لا يكاد يتجاوز عن القوس ، أى من رمى بهم فكأنما رمى بسهم لا يثبت في الوتر حتى يرمى ، وان رمى به لم يصب مقتلا اذا لا نصل له. والترح : ضد الفرح.
(٣) أى اداريكم. وفى النهج « انا جيكم ».
(٤) منيت أى بليت.
(٥) البيت من قصيدة دريد بن الصمة. ومنعرج اللوى اسم مكان ، وأصل اللوى من الرمل : الجدد بعد الرملة. ومنعرجه : منعطفه يمنة ويسرة.