آل فرعون ، أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم ، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والامر والنهي ، ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلدون ولله عاقبة الامور.
فيا عجبا ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها لا يقتفون (١) أثر نبي ، ولا يقتدون بعمل وصي ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون عن عيب المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عند هم ما أنكروا ، وكل امرء منهم إمام نفسه أخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات ، فلا يزالون بجور ولم يزدادوا إلا خطأ ، لا ينالون تقربا ، ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عزوجل ، انس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض ، كل ذلك وحشة مما ورث النبي الامي ، ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والارض ، أهل حسرات وكهوف شبهات ، وأهل عشوات وضلالة وريبة (٢) ، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من لا يعرفه ، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها ، ووا أسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضا ، وكيف يقتل بعضها بعضا ، المتشتت غدا عن الاصل النازلة بالفرع ، المؤملة الفتح من غير جهته كل حزب منهم آخذ [ منه ] بغصن أينما مال الغصن مال معه ، مع أن الله وله الحمد سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني امية كما يجمع قزع الخريف (٣) يؤلف الله بينهم ، ثم
____________________
(١) في بعض النسخ « لا يقتصون » وهو بمعناه.
(٢) في بعض نسخ المصدر « أهل خسران وكفر وشبهات ». والعشوة ـ بالتثليث ـ : ركوب الامر على غير بيان.
(٣) القزع ـ بالقاف والزاى ثم العين المهملة ـ : قطع السحاب المتفرقة وانما خص الخريف لانه أول الشتاء والسحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك كما في النهاية.