يجعلهم ركاما كركام السحاب (١) ، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم (٢) كسيل الجنتين سيل العرم حيث بعث عليه فارة فلم تثبت عليه أكمة ، ولم يرد سننه رض طود ، يذعذ عهم الله في بطون أودية ، ثم يسلكهم ينابيع في الارض ، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، ويمكن بهم قوما في ديار قوم تشريدا لبني امية (٣) ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا ، يضعضع الله بهم ركنا ، وينقض بهم طي الجنادل من إرم ويملا منهم بطنان الزيتون (٤) فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة ليكونن ذلك وكأني
____________________
(١) الركام : المراكب بعضه فوق بعض ونسبة هذا التأليف اليه تعالى مع أنه لم يكن برضاه على سبيل المجاز تشبيها لعدم منعهم عن ذلك وتمكينهم من أسبابه وتركهم واختيار هم بتأليفهم وحثهم عليه ونظير هذا كثير في الايات والاخبار.
(٢) أى محل انبعاثهم وتهييجهم وكانه أشار عليهالسلام بذلك إلى فتن أبى مسلم المروزى واستئصالهم لبنى امية وانما شبههم بسيل العرم لتخربيهم البلاد وأهلها الذين كانوا في خفض ودعة ، واريد بالجنتين جماعتان من البساتين جماعة عن يمين بلدتهم وجماعة عن شمالها روى أنها كانت أخصب البلاد واطيبها ، لم تكن فيها عاهة ولا هامة. وفسر العرم تارة بالصعب واخرى بالمطر الشديد واخرى بالجرذ واخرى بالوادى واخرى بالاحباس التى تبنى في الاودية. ومنه قيل : انه اصطرخ أهل سبأ ، قيل : انما اضيف السيل إلى الجرذ لانه نقب عليهم سدا ضربته لهم بلقيس فحقنت به الماء وتركت فيه ثقبا على مقدار ما يحتاجون اليه أو المسناة التى عقدت سدا على أنه جمع عرمة وهى الحجارة المركومة وكان ذلك بين عيسى ومحمد صلىاللهعليهوآله وعليه. (الوافى)
(٣) الاكمة : التل. والرض : الدق الجريش. والطود : الجبل. وفى بعض النسخ « رص طود » بالصاد المهملة فيكون بمعنى الالزاق والضم والشد ولعله الصواب والمجرور في « سننه » يرجع إلى السيل أو إلى الله تعالى. والذعذعة بالذالين المعجمتين والعينين المهملتين التفريق. والتشريد : التنفير. وفى بعض النسخ « يدغدغهم ».
(٤) التضعضع : الهدم.
والجنادل جمع جندل وهو الصخر العظيم أى ينقص الله ويكسر
بهم البنيان التى طويت وبنيت بالجنادل والاحجار من بلا دارم وهى دمشق والشام اذ
كان