عليهالسلام قال : خطب أمير المؤمنين عليهالسلام الناس بصفين ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي صلىاللهعليهوآله ثم قال : أما بعد فقد جعل الله تعالى عليكم حقا بولاية أمركم ومنزلتي التي أنزلني الله عز ذكره بها منكم ، ولكم من الحق مثل الذي لي عليكم (١) والحق أجمل الاشياء في التواصف وأوسعها في التناصف (٢) لا يجري لاحد إلا جرى عليه ، ولا يجري عليه إلا جرى له ، ولو كان لاحد أن يجري ذلك له ، ولا يجري عليه لكان ذلك الله عزوجل خالصا دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه ضروب قضائه (٣) ولكن جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل كفارتهم (٤) عليه بحسن الثواب تفضلا منه وتطولا بكرمه ، وتوسعا بما هومن المزيد له أهلا ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافى (٥) في وجوهها
____________________
(١) الذى له عليهم من الحق هو وجوب طاعته وامحاض نصيحته والذى لهم عليه من الحق هو وجوب معدلته فيهم.
(٢) التواصف أن يصف بعضهم لبعض والتناصف أن ينصف بعضهم بعضا وانما كان الحق أجمل الاشياء في التواصف لانه يوصف بالحسن والوجوب وكل جميل وانما كان أوسعها في التناصف لان الناس لو تنا صفوا في الحقوق لما ضاق عليهم أمر من الامور وفى النهج « والحق أوسع الاشياء في التواصف واضيقها في التناصف » وهو أوضح ومعناه أن الناس كلهم يصفون الحق ولكن لا ينصف بعضهم بعضا. وفى بعض نسخ المصدر « التراصف » موضع التواصف.
(٣) أى أنواعه المتغيرة المتوالية. وفى بعض نسخ المصدر « صروف قضائه ».
(٤) انما سمى جزاؤه تعالى على الطاعة كفارة لانه يكفر ما يزعمونه من أن طاعتهم له تعالى حق لهم عليه يستوجبون به الثواب مع أنه ليس كذلك لان الحق له عليهم حيث أقدرهم على الطاعة والهمهم اياها ولهذا سماه التفضل والتطول والتوسع بالانعام الذى هو للمزيد منه أهل لانه الكريم الذى لا تنفذ خزائنه بالاعطاء والجود تعالى مجده وتقدس. وفى نهج البلاغة « وجعل جزاء هم عليه » وعلى هذا فلا يحتاج إلى التكلف.
(٥) أى جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابلا بمثله ، فحق الوالى ـ وهو الطاعة من