نصب المسألة إلى الله عزوجل بالامتنان عليه ، والمدافعة عنه بالتفجع وحسن الثناء.
فقال : يارباني العباد ، ويا سكن البلاد (١) أين يقع قولنا من فضلك ، وأين يبلغ وصفنا من فعلك ، وأنى نبلغ حقيقة حسن ثنائك أو نحصي جميل بلائك؟ و كيف وبك جرت نعم الله علينا ، وعلى يدك اتصلت أسباب الخير إلينا ، ألم تكن لذل الذليل ملاذا وللعصاة الكفار إخوانا (٢) فبمن إلا بأهل بيتك وبك أخرجنا الله عزوجل من فظاعة تلك الخطرات ، أو بمن فرج عنا غمرات الكربات (٣) وبمن إلا بكم أظهر الله معالم ديننا ، واستصلح ما كان فسد من دنيانا ، حتى استبان بعد الحور ذكرنا (٤) ، وقرت من رخاء العيش أعيننا ، لما وليتنا بالاحسان جهدك ووفيت لنا بجميع وعدك ، وقمت لنا على جميع عهدك ، فكنت شاهد من غاب منا وخلف أهل البيت لنا ، وكنت عز ضعفائنا ، وثمال فقرائنا (٥) ، وعماد عظمائنا يجمعنا في الامور عدلك ، ويتسع لنا في الحق تأنيك (٦) ، فكنت لنا أنسا إذا
____________________
(١) السكن بالتحريك : كل ما يسكن اليه وفى بعض المصدر « يا ساكن البلاد ».
(٢) أى كنت تعاشر من يعصيك ويكفر نعمتك معاشرة الاخوان شفقة منك عليهم أو المراد الشفقة على الكفار والعصاة والاهتمام في هدايتهم ويحتمل أن يكون المراد المنافقين الذين كانوا في عسكره وكان يلزمه رعايتهم بظاهر الشرع هذا قول المؤلف والظاهر « ألم نكن » بالنون على صيغة المتكلم مع الغير والمعنى كنا ملا ذا لذل الذليل لا للذليل واخوانا للعصاة والكفرة فبك وأهل بيتك دون غيركم أخرجنا الله من فظاعة؟.
(٣) الفظاعة : الشناعة. وفظاعة تلك الخطرات : شناعتها وشدتها والغمرات الشدائد والمزدحمات.
(٤) قال الجوهرى : نعوذ بالله من الحور بعد الكور أى من النقصان بعد الزيادة.
وفى بعض نسخ المصدر « بعد الجور » بالمعجمة.
(٥) في النهاية الثمال بالكسر : الملجأ والغياث وقيل هو المطعم في الشدة.
(٦) أى صار مدارا تك وتأنيك وعدم مبادرتك في الحكم علينا بما نستحقه سببا لوسعة