غنيمة وفضل ، وكاشف كل عظيمة وإزال (١) أحمده على جود كرمه وسبوغ نعمه وأستعينه على بلوغ رضاه والرضا بما قضاه وأومن به إيمانا وأتوكل عليه إيقانا وأشهد أن لا إله إلا الله الذي رفع السماء فبنيها وسطح الارض فطحيها وأخرج منها ماءها ومرعيها والجبال أرسيها (٢) لا يؤوده خلق وهو العلي العظيم ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله أرسله بالهدى المشهور والكتاب المسطور والدين المأثور إبلاء لعذره وإنهاء لامره ، فبلغ الرسالة وهدى من الضلالة وعبد ربه حتى أتاه اليقين فصلىاللهعليهوآله كثيرا.
أوصيكم بتقوى الله فان التقوى أفضل كنز وأحرز حرز وأعز عز ، فيه نجاة كل هارب ودرك كل طالب وظفر كل غالب وأحثكم على طاعة الله فانها كهف العابدين وفوز الفائزين وأما المتقين ، واعلموا أيها الناس إنكم سيارة قد حدابكم الهادي وحدى لخراب الدنيا حادي ، وناداكم للموت منادي ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ألا وإن الدنيا دار غرارة خداعة تنكح في كل يوم بعلا وتقتل في كل ليلة أهلا ، وتفرق في كل ساعة شملا ، فكم من منافس فيها وراكن إليها من الامم السالفة قد قذفتهم في الهاوية ودمرتهم تدميرا وتبرتهم تتبيرا وأصلتهم سعيرا (٣) أين من جمع فأوعى ، وشد فاوكى ، ومنع فأكدى (٤) بل أين من عسكر العساكر ، و دسكر الدساكر (٥) وركب المنابر ، أين من بنى الدور ، وشرف القصور ، وجمهر ـ
____________________
(١) الازال ـ بكسر الهمزة ـ : الداهية.
(٢) « طحيها » أى بسطها. و « أرسيها » أى أثبتها.
(٣) التدمير : الاهلاك والتتبير : الاهلاك أيضا ، وأصلاه النار : أدخله أيا ها وأثواه فيها. والسعير : لهب النار.
(٤) أوكى ايكاء ـ القربة وعلى ما في القربة : شدها بالوكاء ، والوكاء رباط القربة ونحوها. وأكدى اكداء ـ الرجل ـ : لم يظفر بحاجته ، أو بخل في العطاء. وأكده عن كذا : رده عنه ومنعه.
(٥) قال الفيومى في المصباح
: الدسكرة بناء يشبه القصر ، حوله بيوت ، ويكون