٣٧ ـ موعظته عليهالسلام ووصفه المقصرين (١) :
لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل ويرجو التوبة (١) بطول الامل ، يقول في الدنيا قول الزاهدين ويعمل فيها عمل الراغبين ، إن اعطي منها لم يشبع وإن منع لم يقنع ، يعجز عن شكرما اوتي ويبتغي الزيادة فيما بقي ، ينهى الناس ولا ينتهي و يأمر الناس ما لا يأتي ، يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم ، ويبغض المسيئين وهو منهم ويكره الموت لكثرة سيئاته ولا يدعها في حياته ، يقول : كم أعمل فأتعني (٢) ألا أجلس فأتمني ، فهو يتمنى المغفرة ويدأب في المعصية (٣).
وقد عمر ما يتذكر فيه من تذكر ، يقول فيما ذهب : لو كنت عملت ونصبت لكان خيرا لي ويضيعه غير مكترث لاهيا (٤) إن سقم ندم على التفريط في العمل. وإن صح أمن مغترا. يؤخر العمل ، تعجبه نفسه ما عوفي (٥) ويقنط إذا ابتلي ، تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستيقن (٦) لا يقنع من الرزق بما قسم له ولا يثق منه بما قد ضمن له ، ولا يعمل بما فرض عليه.
فهو من نفسه في شك ، إن استغنى بطر وفتن (٧) وإن افتقر قنط ووهن ، فهو
____________________
(١) التحف ص ١٥٧.
(١) وفى النهج « ويرجئ التوبة » أى يؤخر التوبة.
(٢) في بعض النسخ « لم اعمل ». وأتعنى : أتعب نفسى من العناء أى القيت نفسى في التعب والمشقة.
(٣) يدأب : يستمر ويجد في المعصية.
(٤) نصبت : اجتهدت واتبعت فيه. و « غير مكترث لاهيا » أى لا يعبأ به ولا يباليه.
(٥) أى مادام في العافية.
(٦) يعمل بالظن في اعمال الدنيا ولا يعمل للاخرة باليقين. وهو على يقين من ان السعادة والشرف في الفضيلة والزهد في الدنيا ولا يكتسبهما ولكن اذا ظن وتوهم لذة حاضرة وشهوة عاجلة بادر اليها.
(٧) بطر أى اغتر بالنعمة ففتن.