وقال عليهالسلام : أشكر الناس أقنعهم ، وأكفر هم للنعم أجشعهم (١).
في أمثال (٢) هذا الكلام المفيد للحكمة ، وفصل الخطاب لم نستوف ما جاء في معناه عنه لئلا ينتشر به الخطاب ويطول الكتاب ، وفيما أثبتناه منه مقنع لذوي الالباب.
٤١ ـ جا (٣) : عن محمد بن الحسين المقري ، عن علي بن الحسين الصيدلاني ، عن أحمد بن محمد مولى بني هاشم ، عن أبي نصر المخزومي ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري قال : لما قدم علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام البصرة مربي وأنا أتوضأ فقال : يا غلام أحسن وضوءك يحسن الله إليك. ثم جازني فأقبلت أقفوا أثره فحانت منه التفاتة فنظر إلي فقال : يا غلام ألك إلي حاجة؟ قلت : نعم علمني كلاما ينفعني الله به فقال يا غلام من صدق الله نجى ، ومن أشفق على دينه سلم من الردى. ومن زهد في الدنيا قرت عينه بما يرى من ثواب الله عزوجل. ألا أزيدك يا غلام؟ قلت : بلى يا أمير المؤمنين قال : من كن فيه ثلاث خصال سلمت له الدنيا والاخرة : من أمر بالمعروف وائتمز به ، ونهى عن المنكر وانتهى عنه ، وحافظ على حدود الله ، ياغلام أيسرك أن تلقى الله يوم القيامة وهو عنك راض؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين : قال كن في الدنيا زاهدا وفي الاخرة راغبا ، وعليك بالصدق في جميع امورك فان الله تعبدك وجميع خلقه بالصدق (٤) ثم مشى حتى دخل سوق البصرة فنظر إلى الناس يبيعون ويشترون فبكى بكاء شديدا ثم قال : يا عبيد الدنيا وعمال أهلها إذا كنتم بالنهار تحلفون ، وباليل في فراشكم تنامون ، وفي خلال ذلك عن الاخرة تغفلون ، فمتى تجهزون الزاد (٥) وتفكرون في المعاد؟! فقال له رجل : يا أمير المؤمنين إنه لابد لنامن المعاش فكيف نصنع؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : إن طلب المعاش من حله لا يشغل عن عمل الاخرة فان قلت لابد
____________________
(١) أى أشدهم حرصا.
(٢) تتمة كلام المفيد (ره) وذكرها هنا غير مناسب انما يناسب كتاب الارشاد.
(٣) مجالس المفيد ص ٦٩.
(٤) تعبده أى دعاه للطاعة أو اتخذه عبدا له.
(٥) في المصدر « تحرزون الزاد ».