أمثلتهم ، وتركبون قدتهم ، وتطأون جادتهم ، فالقلوب قاسية عن حظها (١) لا هية عن رشدها ، سالكة في غير مضمارها ، كأن المعني سواها (٢) وكأن الرشد في إحراز دنياها.
فاعلموا أن مجازكم على الصراط ومزالق دحضه ، وأهاويل زلله ، وتارات أهواله (٣) فاتقوا الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه وأنصب الخوف بدنه وأسهر التهجد غرار نومه ، وأظمأ الرجاء هواجر يومه (٤) فظلف الرهب شهواته ، وأوجف الذكر بلسانه ، وقدم الخوف لابانه ، وتنكب المخالج عن وضح السبيل (٥) وسلك أقصد المسالك إلى النهج المطلوب ، ولم تفتله فاتلات الغرور ، ولم تعم عليه مشتبهات الامور (٦)
____________________
(١) القدة ـ بالكسر والدال المهملة ـ : الطريقة. و « تطأون جادتهم » أى تسيرون على سبيلهم بلا انحراف عنهم في شئ أى يصيبكم ما أصابهم بدون أى تفاوت. وقسى القلب : صلب وغلظ.
(٢) المعنى : المقصود والمراد ، أى كان المأمور والمنهى والمخاطب بالمواعظ والزواجر والوعد والوعيد غير تلك القلوب.
(٣) المزلق : المكان الذى فيه القدم ولا تثبت. والدحض هو انقلاب الرجل بغتة فسقط المار. والزلل : هوا نزلاق القدم. وتارات الاهوال : دفعاتها.
(٤) « أنصب الخوف بدنه » أى أتعبه. والغرار ـ بالكسر ـ : قلة النوم ، أوقليله ، و لعل المعنى لم يترك العبادة له نوما قليلا. « وأسهر التهجد » أى أزال قيام الليل نومه القليل ، فأذهبه بالمرة. والهواجر جمع هاجرة أى صار رجاء الثواب موجب لان أظمأ نفسه في هاجرة اليوم بالصوم فيها.
(٥) « ظلف الرهب » أى منع الخوف. وفى النهج « ظلف الزهد ». وأوجف دابته أى حركها مسرعا وحثها على السير. والابان بكسر الهمزة وتشديد الباء الموحدة : حينه ووقته يعنى القيامة. وتنكب الشئ : مال عنه. والمخالج : الطرق المتشعبة عن الطريق الاعظم. وخلج أى جذب كانها تجذب الانسان اليها. والوضح : جادة الطريق والجار والمجرور متعلق بالمخالج أى المخالج المتشعبة عن الطريق الواضح.
(٦) فتله كضربه صرفه عن وجهه. وفاتلات الغرور : وساوس الشيطان. « ولم