ظافرا بفرحة البشرى ، وراحة النعمى في أنعم نومه (١) وآمن يومه ، قدعبر معبر العاجلة حميدا ، وقدم زاد الاجلة سعيدا ، وبادرمن وجل ، وأكمش في مهل ، ورغب في طلب ، وذهب عن هرب (٢) وراغب في يومه غده ، ونظر قدما أمامه ، فكفى بالجنة ثوابا ، ونوالا وكفى بالنار عقابا ووبالا ، وكفى بالله منتقما ونصيرا ، وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما.
ومنها : أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الارحام [ وشغف الاستار نطفة دهاقا وعلقة محاقا ، وجنينا وراضعا ] (٣) ووليدا ويافعا (٤) ثم منحه قلبا حافظا ، ولسانا لا فظا ، وبصرا لا حظا ، ليفهم معتبرا ، ويقصر مزد جزا ، حتى إذا قام اعتداله ، واستوى مثاله (٥) نفر مستكبرا ، وخبط سادرا ماتحا في غرب هواه ، كادحا سعيا لدنياه في لذات طربه ، وبدوات أربه ، ثم لا يحتسب رزية (٦) ولا يخشع نعيه ، فمات في قبيلته
____________________
تعم عليه « أى لم تخف عليه الامور المشتبهة حتى يقع فيها على غير بصيرة.
(١) النعمى بالضم : الخفض والدعة وما انعم به عليك. وأنعم النوم : أطيبه و المراد بالنوم اما الراحة في الجنة اطلاقا لا سم الملزوم على لازمه ، او الراحة في البرزخ أولان مكث الجسد في القبر يشبه النوم.
(٢) الوجل : الخوف أى سارع إلى الاعمال الصالحة من خوف الله تعالى. وأكمش أى أسرع في مدة حياته. وقوله » ذهب عن هرب » أى فرمما يهرب عن مثله.
(٣) الشغف : جمع شغاف وهو في الاصل غلاف القلب استعارة لموضع الولد. والدهاق الذى أفرغ افراغا شديدا ، والمحق : المحو.
(٤) اليافع : الغلام الذى شارف الاحتلام.
(٥) أى بلغت قامته حدما قدرلها من النمو.
(٦) السادر : الذى لا يهتم ولا يبالى ما صنع والمتحير. والماتح ـ بالتاء المثناة من فوق : الذى يستقى الماء بالد لومن أعلى البئر والمايح ـ بالياء المثناة من تحت ـ : الذى ينزل البئر ليملاء الدلو.
والغرب هو الدلو العظيمة التى تتخذ من جلد ثور شبه بها لسعة الامانى. وكدح في