سلسا ، ثم القي على الاعواد رجيع وصب ، ونضو سقم ، تحمله حفدة الولدان وحشدة الاخوان ، إلى دار غربته ، ومنقطع زورته (١) حتى إذا انصرف المشيع ورجع المتفجع أقعد في حفرته نجيا لبهتة السؤال ، وعثرة الامتحان (٢).
وأعظم ما هنالك بلية نزل الحميم ، وتصيلة الجحيم ، وفورات السعير ، و سورات الزفير (٣) لا فترة مريحة ، ولا دعة مزيحة ، ولا قوة حاجزة ، ولا موتة نا جزة ولا سنة مسلية ، بين أطوار الموتات وعذاب الساعات. إنا بالله عائذون (٤).
عبادالله أين الذين عمروا فنعموا ، وعلموا ففهموا ، ونظروا فلهوا ، وسلموا فنسوا ، امهلوا طويلا ، ومنحوا جميلا ، وحذروا أليما ، ووعدوا جسيما ، احذروا الذنوب المورطة ، والعيوب المسخطة.
اولى الاسماع والابصار ، والعافية والمتاع! هل من مناص ، أوخلاص ، أومعاذ أوملاذ ، أوقرار ، أومجاز (٥) أم لا؟ فأنى تؤفكون؟ أم أين تصرفون؟ أم بماذا
____________________
سهلا لعدم قدرته على الممانعة.
(١) الرجيع من الدواب ما رجعته من سفر إلى سفر وهو الكال. والوصب : التعب والمرض. و « نضو » بالكسر : المهزول. والحفدة : الاعوان. والحشدة : المسارعون إلى التعاون. والزورة من زاره يزوره ومنقطع الزورة : حيث لا يزور.
(٢) النجى : من تحادثه سرا. وبهتة السؤال : دهشته وحيرته. والعثرة : الزلة.
(٣) الحميم في الاصل ، الماء الحار ، والتصلية : الاحراق : والمراد هنا دخول جهنم. وفارت القدر : جاشت. والسعير النار أولهبها. والسورة : الشدة. والزفير : صوت النار عند توقدها.
(٤) الفترة : السكون بعد حدة واللين بعد شدة. أى لا يفتر العذاب حتى يستريح المعذب من الالم ، ولا تكون دعة ـ أى راحة ـ حتى تزيح عنه ما أصابه من التعب ، وليست له قوة بحجز عنه. ولا بموتة حاضرة تذهب باحساسه عن الشعور بتلك الالام. والناجز : الحاضر والسريع. والسنة : اوائل النوم. والمسلية : الملتهية عن الالم. والاطوار الانواع والمراد بالموتات : العقوبات.
(٥) في بعض النسخ « أوفرار أو محار » أى مرجع إلى الدنيا بعد فراقها.