في الطلب ، يخترم الاول فالاول (١) لا يتحنن على ضعيف ، ولا يعرج على شريف (٢) والجديدان (٣) يحثان الاجل تحثيثا ، ويسوقانه سوقا حثيثا (٤) وكل ما هوآت فقريب ، ومن وراء ذلك العجب العجب ، فأعد والجواب ليوم الحساب ، وأكثروا الزاد ليوم المعاد.
عصمنا الله وإياكم بطاعته ، وأعاننا وإياكم على ما يقرب إليه ويزلف لديه فإنما نحن به وله. إن الله وقت لكم الاجل ، وضرب لكم الامثال ، وألبسكم الرياش ، وأرفع لكم المعاش ، وآثركم بالنعم السوابغ ، وتقدم إليكم بالحجج البوالغ ، وأوسع لكم في الرفد الروافغ (٥) فتشمروا فقد أحاط بكم الاحصاء ، و ارتهن لكم الجزاء (٦) القلوب قاسية عن حظها ، لا هية عن رشدها ، اتقوالله تقية من شمر تجريدا ، وجد تشميرا ، وانكمش في مهل ، وأشفق في وجل ، ونظر في كرة الموئل ، وعاقبة المصدر ، ومغبة المرجع ، وكفى بالله منتقما ونصيرا ، وكفى بكتاب الله حجيجا وخصيما (٧).
رحم الله عبدا استشعر الحزن ، وتجلبب الخوف ، وأضمر اليقين ، وعري عن الشك
____________________
(١) اخترمه : أهلكه واستأصله. واخترمه المرض : هزله واخترمه المنية : أخذته وتحنن عليه : ترحم.
(٢) فلان لا يعرج على قوله أى لا يعتمد عليه. وعلى المكان أن حبس مطيته عليه وأقام فيه.
(٣) أى الليل والنهار.
(٤) التحثيث : التحريص والتنشيط على فعل. والحثيث : السريع.
(٥) الرفد العطاء ، والروافغ الواسعة.
(٦) في النهج « وارصد لكم الجزاء ».
(٧) شمر تشمرا : مر مسرعا. وانكمش الرجل : أسرع وجد. أى وبالغ في حث نفسه على المسير إلى الله تعالى مع تمهل البصيرة. والوجل : الخوف. والموئل : مستقر السير والمراد هنا ما ينتهى اليه الانسان من سعادة وشقاء ، وكرته. حملته واقباله.