يا هشام كيف يزكو عندالله عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك ، وأطعت هواك على غلبة عقلك.
يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل ، فمن عقل عن الله تبارك وتعالى اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها ، ورغب فيما عند ربه [ وكان الله ] آنسه في الوحشة وصاحبه في الوحدة ، وغناه في العيلة ، ومعزه في غير عشيرة (١).
يا هشام نصب الخلق لطاعة الله (٢) ولا نجاة إلا بالطاعة ، والطاعة بالعلم.
والعلم بالتعلم ، والتعلم بالعقل يعتقد (٣) ولا علم إلا من عالم رباني ، ومعرفة العالم بالعقل.
يا هشام قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف ، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود.
يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة. ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا ، فلذلك ربحت تجارتهم.
يا هشام إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك. وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شئ من الدنيا يغنيك.
يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب ، وترك الدنيا من الفضل وترك الذنوب من الفرض (٤).
يا هشام إن العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الاخرة ، لانهم علموا أن
____________________
(١) العيلة : الفاقة.
(٢) نصب ـ من باب علم ـ : تعب وأعيا. وفى الكافى «ونصب الحق لطاعة الله».
(٣) اعتقد الشئ : نقيض حله. وفى بعض النسخ «يعتقل» هو أيضا نقيض حل أى يمسك ويشد.
(٤) وزاد في الكافى «يا
هشام ان العاقل نظر إلى الدنيا والى أهلها فعلم أنها لا
تنال الا بالمشقة ونظر إلى الاخرة فعلم انها لا تنال الا بالمشقة ، فطلب بالمشقة
أبقاهما»