فزوجني ابنتك فإنك واجد عندي خيرا إن شاء الله.
قال الشيخ : كيف ازوجك ابنتي ونحن لا تطيب أنفسنا أن تنقلها عنا ، ولا أحتسب مع ذلك أن أهلك يرضون أن تنقلها إليهم ، قال الفتى : فنحن معكم في منزلكم هذا ، قال الشيخ : إن صدقت فيما تقول فاطرح عنك زيك وحليتك هذه ، قال : ففعل الفتى ذلك وأخذ أطمارا رثة من أطمارهم فلبسها وقعد معهم ، فسأله الشيخ عن شأنه وعرض له بالحديث حتى فتش عقله فعرف أنه صحيح العقل وأنه لم يحمله على ما صنع السفه ، فقال له الشيخ : أما إذا اخترتنا ورضيت بنا فقم معي إلى هذا السرب فأدخله فإذا خلف منزله بيوت ومساكن لم ير مثله قط سعة وحسنا ، وله خزائن من كل ما يحتاج إليه ، ثم دفع إليه مفاتيحه وقال : إن كل ما ههنا لك فاصنع به ما أحببت ، فنعم الفتى أنت وأصاب الفتى ما كان يريده.
قال يوذاسف : إني لارجو أن أكون أنا صاحب هذا المثل إن الشيخ فتش عقل هذا الغلام حتى وثق به ، فلعلك تطول بي على تفتيش عقلي فأعلمني ما عندك في ذلك ، قال الحكيم : لو كان هذا الامر إلي لا كتفيت منك بأدنى المشافهة ولكن فوق رأسي سنة قد سنها أئمة الهدى في بلوغ الغاية في التوفيق ، وعلم ما في الصدور فإني أخاف إن خالفت السنة أن أكون قد أحدثت بدعة ، وأنا منصرف عنك الليلة وحاضر بابك في كل ليلة ، ففكر في نفسك بهذا واتعظ به ، وليحضرك فهمك وتثبت ولا تعجل بالتصديق لما يورده عليك همك حتى تعلمه بعد التؤدة والاناة وعليك بالاحتراس في ذلك أن يغلبك الهوى والميل إلى الشبهة والعمى ، واجتهد في المسائل التي تظن أن فيها شبهة ، ثم كلمني فيها وأعلمني رأيك في الخروج إذا أردت ، وافترقا على هذا تلك الليلة.
ثم عاد الحكيم إليه فسلم عليه ودعاله ، ثم جلس فكان من دعائه أن قال :
أسأل الله الاول الذي لم يكن قبله شئ ، والاخر الذي لا يبقى معه شئ ، والباقي الذي لا فناء له ، والعظيم الذي لا منتهى له ، والواحد الفرد الصمد الذي ليس معه غيره ، والقاهر الذي لا شريك له ، البديع الذي لا خالق معه ،