والخبر الثاني يدل على الاكتفاء بالاخذ بالجوانب الاربعة كيفما اتفق ولا ينافي كون الهيئة المخصوصة أفضل والخبر يحتمل وجوها : الاول ان السنة النبوية جرت بحمل الجنازة من أربعة جوانبها كيف اتفق ، والزائد على الاربعة تطوع ، الثاني أن رعاية الهيئات المخصوصة في حملها تطوع ، الثالث أن يقال : المعنى أن ما بعد ذلك كما وكيفا فهو تطوع ، الرابع أن يكون المراد بالحمل من جوانبه الاربعة ، الهيئة المخصوصة المسنونة ، وبقوله ما بعد ذلك ، الزائد عنه أو الاعم منه ومن النقص ، ومخالفة الكيفية المسنونة ، الخامس أن يراد به أن السنة الاخذ باحدى القوائم الاربع كيف اتفق ، وما كان بعد ذلك من الزيادة في الكمية أو الرعاية في الكيفية فهو تطوع ، ولعل الاول أظهر.
وروى الجمهور عن ابن مسعود أنه قال : إذا تبع أحدكم الجنازة فليأخذ بجوانب السرير الاربعة ، ثم ليتطوع بعد أو ليذر ، فانه من السنة.
واعلم أن السنة ماواظب عليه النبي صلىاللهعليهوآله والتطوع ما صدر عنه وعن أوصيائه عليهمالسلام على جهة الاستحباب ، ولم يواظب صلىاللهعليهوآله عليه رحمة للامة وليتميز ما هو المؤكد من المستحبات ، وماليس كذلك منها ، ليختار المكلف مع عدم القدرة على الاتيان بالجميع ما هو أفضل وآكد.
ثم اعلم أن المشهور استحباب التربيع على الهيئة المخصوصة كما عرفت بل ظاهر بعضهم تحقق الاجماع على ذلك. وقال ابن الجنيد : يرفع الجنازة من اي جوانبها قدر عليه ، واستدل له بهذا الخبر ، وقد عرفت أنه لا يدل على نفي استحباب التربيع ووصف الجوانب بالاربع في الحديث لعله بتأويل الناحية وشبهها.
والخبر الثالث صريح فيما اخترناته إذاليد اليمنى المراد بها يد الميت اليمنى الكائنة على أيسر السرير ، وقوله عليهالسلام « ثم ارجع من مكانك » اي من موضع الرجل اليمنى « إلى ميامن الميت » أي الجانب الذي فرغت منه ، وعبر عنه بميامن الميت فهذا صريح في أن المراد يمين الميت لا يمين السرير ، وهذا الخبر يدل على أن الفرق بيننا وبين المخالفين إنما هو في الترتيب لا في الابتداء.