وجوب اعتزال النساء مدة الحيض بالكلية ، وهو خلاف الاجماع ، وبهذا يظهر ضعف الحمل على الثاني ، فتعين الثالث ، وهو المطلوب انتهى ملخص كلامه وللبحث فيه مجال (١).
ثم الاعتزال المأمور به في الآية الكريمة هل هو مغيى بانقطاع الحيض أو الغسل ، اختلفت الامة في ذلك أما علماؤنا قدس الله أرواحهم ، فأكثرهم على الاول وقالوا بكراهة الوطي قبل الغسل. فان غلبته الشهوة أمرها بغسل فرجها استحبابا ثم يطؤها ، وذهب الصدوق رحمهالله إلى الثاني ، فانه قال بتحريم وطيها قبل الغسل إلا بشرطين : أما الاول أن يكون الرجل شبقا ، والثاني أن تغسل فرجها ويؤيده قول بعض المفسرين في قوله تعالى : « فاذا تطهرن » فاذا غسلن فرجهن.
وذهب الطبرسي قدسسره إلى أن حل وطيها مشروط بأن تتوضأ أو تغتسل فرجها وأما اصحاب المذاهب الاربعة سوى أبي حنيفة فعلى تحريم الوطي قبل الغسل ، وأما هو فذهب إلى حل وطيها قبل الغسل إن انقطع الدم لاكثر الحيض ، وتحريمه إن انقطع لدون ذلك.
واحتج العلامة في المختلف على ما عليه أكثر علمائنا بما تضمنته الآية من تخصيص الامر بالاعتزال بوقت الحيض أو موضع الحيض ، وإنما يكون موضعا له مع وجوده ، والتقدير عدمه ، فينتفي التحريم ، وبما تقتضيه قراءة التخفيف في « يطهرن » وجوز أن يحمل التفعل في قوله تعالى « فاذا تطهرن » على الفعل ، كما تقول تطعمت الطعام اي طعمته ، أو يكون المراد به غسل الفرج هذاملخص كلامه.
وأورد على الاستدلال بالغاية بأن الطهارة اللغوية وإن حصلت بالخروج
____________________
(١) حيث ان قوله تعالى : « ولا تقربوهن حتى يطهرن فاذا تطهرن فآتوهن من حيث أمركم الله » عطف تفسيرى للاعتزال ، لا أنه حكم ثان ، فان الاعتزال بالمعنى الذي ذكروه اذا تحقق لم يتحقق الاقتراب حتى ينهى عنه.