بيان : المغيرة هو ابن سعيد ، وقد روى الكشي روايات كثيرة دالة على لعنه ، وأنه يضع الاخبار ، ويحتمل أن يكون للمحرر في شرعهم عبادات مخصوصة تستوعب جميع أوقاته (١) فلو كان عليها قضاء الصلوات التي فاتتها لكان تكليفا بما لا يطاق ، والظاهر أنه باعتبار أصل الكون في المسجد ، فانه عبادة و لعله عليهالسلام إنما ألزم هذا على المخالفين موافقا لما كانوا يعتقدونه من أمثال تلك الاستحسانات ، وقيل : يحتمل أنه كان في تلك الشريعة يجب على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في محل الفوات ، فكان يلزمها مع وجوب القضاء أن تبقى بعد الطهر خارجة من المسجد بقدر القضاء ، وقد كان عليها أن تكون الدهر في
____________________
(١) والذي يظهر من آيات القصة بمعاونة الاخبار الواردة في ذلك ، أن المحرر هو الذي كان وقفا على عبادة الله عزوجل ، ولما كانت عباداتهم وصلواتهم لا تصح الا في البيوت المبنية لذلك كالبيعة أو البيت المقدس ، كانوا يبنون للمحررين غرفا يسكنون فيها ، وكان على محرريهم أن ينفقوا بالكسوة والطعام وعلى المحررين أن يقوموا بعبادة الله لا يخرجون منها ، الا لضرورة وهذا التحرير بمعنى تعهد الانفاق على المحرر كان عبادة عندهم ، و لذلك قالت ، فتقبل منى أنك أنت السميع العليم.
وأما النساء فلاجل طمثهم وعدم طهارتهم في كل شهر خمسة أو سبعة أيام مثلا لا يمكنهن القيام بالعبادة ، ولذلك لم يكونوا ليحرروا النساء ، فلما وضعت امرءة عمران ما في بطنها أنثى تضرعت إلى الله عزوجل من خيبة المعاهدة ونقضها ، وتحسرت من أن الله عز وجل لم يقبل تعهده للتحرير ، فجعل ما في بطنها انثى لا تليق لذلك.
وأما وجه استدلاله عليهالسلام بذلك ردا على المغيرة بن سعيد فهو أنه لو كانت النساء في حكم الله تقضى الصلاة كما تقضى الصوم لما كانت معاهدة تحرير مريم عليهاالسلام منقوضة باطلة فانها كانت تخرج من البيعة وتترك العبادة لضرورة الطمث ، ثم بعد التطهر والتطهير ترجع إلى غرفتها وتقضى ما كانت عليها من الصلوات والصيام أداء لعبادة ربه وتماما لصفقة المعاهدة للتحرير ، بما أنفق المحررون في تلك الايام عليها اجراءاتهم من النفقة والكسوة والسكنى في بيت معدة لذلك.